هُنَا إذَا وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا عِنْدَ الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا عَاجِزٌ عَنْ الْإِنْفَاقِ فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ عِنْدَ طَلَبِ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُقِرًّا فَالْمَرْأَةُ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ عَلَى عَجْزِهِ وَيُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا عِنْدَ طَلَبِ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(مَحْضَرٌ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ) رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَإِنْ احْتَاجَ هَذَا الرَّجُلُ إلَى فَسْخِ هَذِهِ الْيَمِينِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا إيَّاهَا إنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ بِتَزْوِيجِ الْقَاضِي إيَّاهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ حَتَّى يَصِحَّ هَذَا النِّكَاحُ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ وَيَلْتَمِسُ مِنْهُ الْكِتَابَ إلَى الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ فَالْقَاضِي الْحَنَفِيُّ يَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَطَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَ الشَّيْخِ الْقَاضِي الْإِمَامِ إلَى آخِرِ أَلْقَابِهِ رَفَعْتُ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَهَا وَقَدْ كَانَ حَلَفَ مِنْ قَبْلِ نِكَاحِهَا بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَنِي بَعْدَ هَذِهِ الْيَمِينِ وَوَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَصِرْت مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ وَأَنَّهُ يُمْسِكُهَا حَرَامًا وَلَا يَقْصُرُ يَدَهُ عَنْهَا وَالْتَمَسَتْ مِنِّي مُكَاتَبَةً فِي ذَلِكَ فَأَجَبْتهَا إلَى ذَلِكَ وَكَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ إلَيْهِ لِيَتَفَضَّلَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَهُوَ مُوَفَّقٌ فِي ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ تَدَّعِي هَذِهِ الْمَرْأَةُ قِبَلَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَى زَوْجِهَا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَتْ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُقِرُّ الزَّوْجُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ وَبِهَذَا النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: إنَّهَا حَلَالٌ لِي وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا تَعَلُّلًا بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ فَيَقْضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ وَبِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ (سِجِلٌّ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ)
فَإِذَا أَرَادَ السِّجِلَّ فِي ذَلِكَ يَكْتُبُ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الشَّفْعَوِيُّ: وَرَدَ إلَيَّ كِتَابٌ مِنْ الْقَاضِي فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِكُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فُلَانٍ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا رُفِعَ إلَيْهِ مِنْ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَبَيْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِسَبَبِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ أَمَرَنِي بِالْإِصْغَاءِ إلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ وَفَصْلِهَا وَاسْتِمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِيهَا وَالْقَضَاءِ بِمَا وَقَعَ فِي رَأْيِي وَاجْتِهَادِي فَامْتَثَلْتُ أَمْرَهُ وَعَقَدْت مَجْلِسًا بِذَلِكَ فَحَضَرَتْنِي فِي مَجْلِسِي ذَلِكَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَأَحْضَرَتْ مَعَ نَفْسِهَا زَوْجَهَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا يُطَالِبُنِي بِالطَّاعَةِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ زَاعِمًا أَنِّي زَوْجَتُهُ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَنِي وَقَدْ وَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَحَرُمْت عَلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ، وَالزَّوْجُ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَذَا السَّبَبِ.
ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ سَأَلَنِي الْحُكْمَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ رَأْيِي وَاجْتِهَادِي فَاجْتَهَدْتُ فِي ذَلِكَ وَتَأَمَّلْت وَتَأَنَّيْت وَوَقَعَ رَأْيِي عَلَى بُطْلَانِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى النِّكَاحِ عَمَلًا مِنِّي بِقَوْلِ مَنْ لَا يَرَى صِحَّةَ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى النِّكَاحِ؛ فَحَكَمْت بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ وَبِحِلِّ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى هَذَا الزَّوْجِ بِهَذَا النِّكَاحِ وَأَمَرْتُهَا بِطَاعَةِ هَذَا الزَّوْجِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ بِحَضْرَةِ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته فِي مَجْلِسِ حُكْمِي هَذَا بَيْنَ النَّاسِ عَلَى سَبِيلِ الشُّهْرَةِ وَالْإِعْلَانِ دُونَ الْخِفْيَةِ وَالْكِتْمَانِ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا أَطْلَقَ إلَيَّ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْخُصُومَةِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ رَأْيِي وَاجْتِهَادِي وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا، قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ ثِقَةُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: صَحِبْت كَثِيرًا مِنْ الْقُضَاةِ الْكِبَارِ فَمَا رَأَيْتهمْ أَجَابُوا إلَى شَيْءٍ مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا الْكِتَابَةَ إلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ فَإِنَّ دَلَائِلَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ لَائِحَةٌ وَبَرَاهِينُهُمْ فِيهَا وَاضِحَةٌ وَالشُّبَّانُ يَتَجَاسَرُونَ إلَى هَذِهِ الْيَمِينِ، ثُمَّ يَحْتَاجُونَ إلَى التَّزَوُّجِ وَيَضْطَرُّونَ إلَى ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يُجِبْهُمْ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ رُبَّمَا يَقَعُونَ فِي الْفِتْنَةِ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْعُنَّةِ لِلتَّفْرِيقِ) الْمَرْأَةُ إذَا خَاصَمَتْ زَوْجَهَا عِنْدَ الْقَاضِي وَتَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يَصِلُ إلَيَّ، وَالزَّوْجُ