الشَّاهِدَيْنِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ يَدَّعُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.
وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا دَيْنُ الْمَيِّتِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِي فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ يَجْحَدُونَ وَلَا يَدَّعُونَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا.
وَإِذَا شَهِدَ ابْنًا لِوَصِيٍّ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَى أَبِينَا وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي وَالْوَرَثَةُ لَا يَدَّعُونَ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ هَذَا وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِطَلَبِهِمَا مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ يَرْغَبُ فِي الْوِصَايَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ النَّصَبُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ يَجْحَدُ وَالْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ لَا يَدَّعُونَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَشَهَادَةُ الْأَخِ فِي هَذِهِ مَقْبُولَةٌ وَشَهَادَةُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ غَيْرِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي هَذَا جَائِزَةٌ.
وَإِذَا شَهِدَ أَبْنَاءُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَى أَبِينَا وَفُلَانٍ مَعًا، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَدَّعِي فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَلَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَدَّعِي وَيَدَّعِيهِ الْوَرَثَةُ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَدَّعِي وَلَا شَرِيكُ الْأَبِ وَلَا الْوَرَثَةُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ الدَّعْوَى.
قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا وَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَأَوْصَى إلَى هَذَا الْآخَرِ أَجَزْتُ شَهَادَتَهُمَا.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ شَهِدَ ابْنَا الْوَصِيِّ أَنَّ الْمُوصِيَ عَزَلَ أَبَاهُمَا عَنْ الْوَصِيَّةِ وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ أَجَزْت شَهَادَتَهُمَا.
قَالَ: وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى إلَى أَبِيهِمَا ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَأَوْصَى إلَى هَذَا أَجَزْت شَهَادَتَهُمَا.
قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ ابْنَا الْمَيِّتِ أَوْ غَرِيمَا الْمَيِّتِ لَهُمَا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمَا وَفُلَانٌ يَدَّعِي فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ هَذَا وَكِيلًا فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ جَعَلْته وَصِيًّا لَهُ، وَإِذَا قَالَ: جَعَلْته وَصِيًّا، فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْهِ سَوَاءٌ فَيَصِيرُ وَصِيًّا.
وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيَّانِ لِوَارِثٍ صَغِيرٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ شَهِدَا لِوَارِثٍ كَبِيرٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ تَجُزْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَتْ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: إنْ شَهِدَا لِوَارِثٍ كَبِيرٍ تَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومًا إلَّا أَنَّ الْمُوصَى بِهِ مَجْهُولٌ فَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ عَلَى مَيِّتٍ بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ لِلْأَوَّلَيْنِ بِمِثْلِ ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ كُلِّ فَرِيقٍ لِلْآخَرَيْنِ بِوَصِيَّةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ تَجُزْ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِجَارِيَتِهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِعَبْدِهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّهُ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الْأَوَّلَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِعَبْدِهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّهُ أَوْصَى لِلْأَوَّلَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي هَذِهِ مُثْبِتَةٌ لِلشَّرِكَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَيْنِ بِدَرَاهِمَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَيْنِ بِدَرَاهِمَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِدَنَانِيرَ وَآخَرَانِ بِدَرَاهِمَ أَوْ اثْنَانِ بِعَبْدٍ وَالْآخَرَانِ بِدَرَاهِمَ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ قَوْمًا عَلَى وَصِيَّةٍ وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكْتُبْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَفِيهَا إعْتَاقٌ وَإِقْرَارٌ بِدَيْنٍ وَوَصَايَا فَإِنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.