السُّدُسِ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى لَهُ السُّدُسُ، فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ جَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النُّقْصَانَ عَنْ السُّدُسِ وَلَمْ يُجَوِّزْ الزِّيَادَةَ عَلَى السُّدُسِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عَلَى السُّدُسِ وَلَمْ يُجَوِّزْ النُّقْصَانَ عَنْ السُّدُسِ، وَقَالَا: يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ فَحِينَئِذٍ لَهُ الثُّلُثُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ فَصَارَ كَأَنَّ لَهُ ابْنَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ إلَّا بِشَيْءٍ أَوْ إلَّا قَلِيلٌ أَوْ إلَّا يَسِيرٌ أَوْ بِزُهَاءِ أَلْفٍ أَوْ بِعَامَّةِ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ بِجُلِّ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ مُعْظَمِ هَذِهِ الْأَلْفِ وَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَهُ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَهُوَ إلَى الْوَرَثَةِ يُعْطُونَ لَهُ مِنْهُ مَا شَاءُوا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَجْهُولٌ وَأَنَّ جَهَالَتَهُ تُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَكِنَّ الْوَصِيَّةَ فِي الْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَأَرَادَ بِهَذَا التَّخْيِيرِ فِي حَقِّ الْمِقْدَارِ يُعْطُونَهُ مَا أَرَادُوا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ لَا التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ وَعَدَمِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوصِيَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ بِنَصِيبِ ابْنَتِهِ كَانَ لَهُ ابْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ، فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ بِنْتٌ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ بِنْتٌ تَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ لَا عَيْنُهُ فَيَتَقَرَّرُ نَصِيبُ ابْنٍ ثُمَّ يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، نَحْوُ مَا إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ صَارَ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَ الِابْنُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الِابْنُ فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنَتِهِ وَلَهُ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ الِابْنَةُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ابْنَتَانِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ يُعْطَى نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الِابْنِ لَوْ كَانَ يُعْطِي لَهُ ثُلُثَ الْمَالِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ أُمًّا وَابْنًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ؛ فَالْوَصِيَّةُ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَلِلِابْنِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ أَوَّلًا لَوْلَا الْوَصِيَّةُ فَنَقُولُ: لَوْلَا الْوَصِيَّةُ لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ خَمْسَةٌ، فَإِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ يُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ نَصِيبُ بِنْتٍ وَهُوَ نِصْفُ نَصِيبِ الِابْنِ فَيُزَادُ عَلَى أَصْلِ الْفَرِيضَةِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، فَصَارَ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا فَوَقَعَ الْكَسْرُ فَوَجَبَ التَّضْعِيفُ فَصَارَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَصَارَ الْكُلُّ ضِعْفَ ذَلِكَ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ حَصَلَتْ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَتَكُونُ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْمِيرَاثِ بَقِيَ ثَمَّةَ اثْنَا عَشَرَ تُعْطَى الْأُمُّ السُّدُسَ وَذَلِكَ سَهْمَانِ يَبْقَى ثَمَّةَ عَشَرَةً فَظَهَرَ أَنَّا أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ نِصْفَ مَا أَعْطَيْنَا لِابْنٍ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ.
(قَالَ) وَلَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا وَأَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ لَوْ كَانَ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ، وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ أَوَّلًا لَوْلَا الْوَصِيَّةُ فَتَقُولُ: لَوْلَا الْوَصِيَّةُ لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ، سَهْمٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَإِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ، لَوْ كَانَ يُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ نَصِيبُ ابْنٍ لَوْ كَانَ سَبْعَةً فَيَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَشَرَطَ إجَازَةَ الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جُعِلَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي مِثْلِ هَذَا يُحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ، فَهَذَا وَمَا لَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ سَوَاءٌ.