الثُّلُثِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا قَالَ: أَخْرِجُوا أَلْفًا مِنْ مَالِي أَوْ أَخْرِجُوا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَمَاتَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ جَازَ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ.
وَلَوْ قِيلَ لِمَرِيضٍ: أَوْصِ بِشَيْءٍ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كَانَ هَذَا عَلَى أَثَرِ السُّؤَالِ يُصْرَفُ ثُلُثُ مَالِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوَابَ، وَقَالَ: يُصْرَفُ مَالُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُفَصِّلْ تَفْصِيلًا.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطِيَ لِلنَّاسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقُوا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ فَهُوَ جَائِزٌ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ.
مَرِيضٌ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (صددرهم ازمن بِخَشٍ كنيد) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ لِلْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ (صددرهم ازمن رَوَانِ كُنيد) قَالَ: كَانَتْ الْوَصِيَّةُ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُرَادُ بِهِ الْقُرْبَةُ. وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَوْلُهُ (روان كنيد) لَيْسَ مِنْ لِسَانِنَا فَلَا أَعْرِفُ هَذَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ قَالَ: إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ - فَإِنَّهَا وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَيُدْفَنَ هُنَاكَ وَيُبْنَى هُنَاكَ رِبَاطًا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُحْمَلْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَصِيَّتُهُ بِالرِّبَاطِ جَائِزَةٌ وَوَصِيَّتُهُ بِالْحَمْلِ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ حَمَلَهُ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَمْلِ إذَا حَمَلَهُ الْوَصِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ حَمَلَ بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ لَا يَضْمَنُ وَمَا يُلْقَى فِي الْقَبْرِ تَحْتَ الْمَيِّتِ مِثْلُ الْمَضْرَبَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ: لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ كَالزِّيَادَةِ فِي الْكَفَنِ وَبَعْضُهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ.
وَلَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ قَبْرِهِ لِلتَّزْيِينِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ.
وَلَوْ أَوْصَى بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ لِلَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا يَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَضْمَنُ. وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ الطَّعَامُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالُوا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ. وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ إلَى أَهْلِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلِ عِنْدَهُمْ قَالَ: حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَجْتَمِعُ النَّائِحَاتُ فَإِطْعَامُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ بِكَفَنٍ وَسَطٍ لَيْسَ فِيهِ سَرَفٌ وَلَا تَقْتِيرٌ وَلَا تَضْيِيقٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُكَفَّنُ بِكَفَنِ الْمِثْلِ وَكَفَنُ الْمِثْلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ثِيَابِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لِخُرُوجِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَوْ الْوَلِيمَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
امْرَأَةٌ أَوْصَتْ إلَى زَوْجِهَا أَنْ يُكَفِّنَهَا مِنْ مَهْرِهَا الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ: أَمْرُهَا وَنَهْيُهَا فِي بَابِ الْكَفَنِ بَاطِلٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ فِي دَارِهِ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُوصِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي بَيْتِهِ لَا يَصِحُّ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فُلَانٌ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي أَكْفَانِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي حَفْرِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سِقَايَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي أَكْفَانِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ حَفْرِ مَقَابِرِهِمْ فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ دَارُهُ مَقْبَرَةً فَمَاتَ وَارِثُهُ يَجُوزُ دَفْنُهُ فِيهَا، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ لَوْ أَوْصَى الرَّجُلُ بِأَنْ يُجْعَلَ دَارُهُ خَانًا يَنْزِلُ فِيهِ النَّاسُ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ سِقَايَةً لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي مَسْحٍ كَانَ اشْتَرَاهُ وَيُغَلّ وَيُقَيَّدَ رِجْلُهُ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ بِمَا لَيْسَ.