لِأَقْرِبَائِهِ دَوَاوِينُ، فَعَقْلُهُ عَلَى أَقْرَبِ أَقْرِبَائِهِ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَهُوَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ دِيوَانِيًّا، وَلَكِنْ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ دِيوَانٌ فِي الْمِصْرِ، وَلَا دِيوَانَ لِبَعْضِهِمْ، وَهُمْ يَسْكُنُونَ الرُّسْتَاقَ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ يَسْكُنُ الرُّسْتَاقَ، فَهُوَ عَلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الرُّسْتَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَهُوَ عَلَى جَمِيعِ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الرُّسْتَاقِ، وَاَلَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْمِصْرَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَمَا فَضَلَ فَهُوَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ يَسْكُنُ الْمِصْرَ، فَعَقْلُهُ عَلَى أَقْرِبَائِهِ السَّاكِنِينَ فِي الْمِصْرِ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَهُوَ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّسْتَاقِ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِيوَانٌ، وَلَا لِقَرَابَتِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَتَنَاصَرُ بِأَهْلِ الْحِرَفِ، فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ، وَالْفَضْلُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاصَرُ بِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَعَقْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَالْفَضْلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاصَرُ بِالْمِصْرِ، فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ لَا دِيوَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَنَحْوِهِمْ تَعَاقَلُوا عَلَى الْأَنْسَابِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ مَنَازِلُهُمْ، وَاخْتَلَفَ الْبَادِيَتَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْبَدَوِيُّ نَازِلًا فِي الْمِصْرِ، وَلَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ فِي الْمِصْرِ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ الْعَطَاءِ كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ لَا يَعْقِلُ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ النَّازِلِ فِيهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ عَشِيرَةٌ، وَلَا دِيوَانٌ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَالِهِ، وَبِهِ أَخَذَ عِصَامٌ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ حُسَامُ الدِّينِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ أَوْ وَارِثٌ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْمِيرَاثِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا حَتَّى قَالَ: لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا، فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ عَادَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَأُسِرَ وَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ، فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مُعْتَقَهُ رَقِيقٌ، وَلَوْ جَنَى هَذَا الْمُعْتَقُ، فَعَقْلُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَمْ يَحْفَظُوا أَنْسَابَهُمْ، وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ دِيوَانٌ، وَتَحَمُّلُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُضَيِّعُوا أَنْسَابَهُمْ، وَيَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَلَا يَلْحَقُ بِهِمْ الْعَجَمُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِلْعَجَمِ عَاقِلَةٌ عِنْدَ التَّنَاصُرِ، وَالْمُقَاتَلَةِ مَعَ الْبَعْضِ لِأَجْلِ الْبَعْضِ نَحْوُ الْأَسَاكِفَةِ، وَالصَّفَّارِينَ بِمَرْوَ، وَدُرُوبِ الْخَشَّابِينَ وَكِلَابَاذَ بِبُخَارَى، فَإِذَا قُتِلَ وَاحِدٌ خَطَأً، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، فَأَهْلُ مَحَلَّةِ الْقَاتِلِ وَرُسْتَاقُهُ عَاقِلَتُهُ، وَكَذَلِكَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ يَأْخُذُ بِقَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلتَّنَاصُرِ، وَاجْتِمَاعُ الْأَسَاكِفَةِ، وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَنَحْوِهِمْ لَا يَكُونُ لِلتَّنَاصُرِ، فَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّحَمُّلُ عَنْ غَيْرِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا يَعْقِلُ أَهْلُ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ إذَا كَانَ لِأَهْلِ كُلِّ مِصْرٍ دِيوَانٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلَوْ كَانَ تَنَاصُرُهُمْ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ فِي السُّكْنَى، فَأَهْلُ مِصْرٍ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ أَنَّ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ، وَأُمٍّ دِيوَانُ أَحَدِهِمَا بِالْكُوفَةِ، وَدِيوَانُ الْآخَرِ بِالْبَصْرَةِ لَمْ يَعْقِلْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا يَعْقِلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَهْلُ دِيوَانِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَيَعْقِلُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ سَوَادِهِمْ، وَقُرَاهُمْ، وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِالْبَصْرَةِ، وَدِيوَانُهُ بِالْكُوفَةِ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ خَطَأً، فَلَمْ يَرْفَعْ إلَى الْقَاضِي حَتَّى مَضَتْ سُنُونَ ثُمَّ رَفَعَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي، فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانِهِ قَضَى بِذَلِكَ فِي عَطِيَّاتِهِمْ، وَيَجْعَلُ الثُّلُثَ فِي أَوَّلِ عَطَاءٍ يَخْرُجُ لَهُمْ بَعْدَ قَضَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَتْلِ، وَقَضَائِهِ، وَبَيْنَ خُرُوجِ عَطِيَّاتِهِمْ إلَّا شَهْرٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالثُّلُثُ الثَّانِي فِي الْعَطَاءِ الْآخَرِ إذَا خَرَجَ إنْ أَبْطَأَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ عَجَّلَ قَبْلَ السَّنَةِ، وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ الثَّالِثُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ عَجَّلَ لَهُمْ عَطِيَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا وَجَبَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ، فَالدِّيَةُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ مُعَجَّلَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ لَهُ عَطَاءٌ وَجَبَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، وَاسْتُعْقِلَتْ الدِّيَةُ فِي الْأَعْطِيَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ خَرَجَ لِكُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَجَبَ فِيهِ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ تُسْعُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015