لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ، وَأَخَذَا حُكْمَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ وَقَعَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ فِي الْبِئْرِ، وَذَهَبَ نِصْفُهُ بِأَنْ ذَهَبَ عَيْنُهُ، أَوْ شُلَّتْ يَدُهُ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ حَفَرَ الْمَغْصُوبُ الْمَرْهُونُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ رَدَّهُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ، وَقَضَى الدَّيْنَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْ عَبْدَكَ أَوْ افْدِهِ فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا، أَوْ غَائِبًا رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا قَضَاهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ سَوَاءً لِيَكُونَ الْفِدَاءُ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ عَطِبَ بِالْحَجَرِ الْآخَرِ بَعْدَ دَفْعِ الْعَبْدِ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: ادْفَعْ نِصْفَهُ، أَوْ افْدِهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي فِنَائِهِ فَعَطِبَ فِيهَا الرَّاهِنُ، أَوْ غَيْرُهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فِي فِنَاءِ نَفْسِهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ أَمَرَهُ الرَّاهِنُ، أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَدَفَعَ بِهِ فَعَلَى الْآمِرِ قِيمَتُهُ فَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ لِيَسْقِيَ دَابَّةً فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا فَأَيُّهُمَا بَعَثَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَيُؤَاخِذُ الْبَاعِثُ بِالدَّفْعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَوَقَعَ فِيهَا عَبْدٌ فَذَهَبَ عَيْنَاهُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدُ الرَّهْنَ، أَوْ يَفْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْ الْعَبْدِ بِيَدِهِ، وَالْفِدَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ فَدَاهُ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ، وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ الْأَعْمَى، فَكَانَ لَهُ مَكَانَ مَا أَدَّى مِنْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ، وَأَخَذَ الْأَعْمَى كَانَ رَهْنًا مَكَانَهُ بِالْأَلْفِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ اشْتَرَكُوا فِي الْعَبْدِ الْحَافِرِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ، أَوْ يَفْدِيهِ مَوْلَاهُ الَّذِي عِنْدَهُ بِالْأَلْفِ، وَلَا يَلْحَقُ الْأَعْمَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: مَا بِعْتَ فُلَانًا قِيمَتُهُ عَلَيَّ، وَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ رَهَنَ عَيْنًا مِنْ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ.
(رَجُلٌ) كَفَلَ بِدَيْنٍ عَنْ إنْسَانٍ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ رَهَنَ عَيْنًا بِالدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْكَفِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الْكَفِيلِ جَازَ.
رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ عَلَى رَجُلٍ فَارْتَهَنَا مِنْهُ أَرْضًا بِدَيْنِهِمَا، وَقَبَضَاهَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ: إنَّ الْمَالَ الَّذِي لَنَا عَلَى فُلَانٍ بَاطِلٌ، وَالْأَرْضُ فِي أَيْدِينَا تَلْجِئَةٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيَبْرَأُ مِنْ حِصَّتِهِ، وَالرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مَرْهُونَةٌ بِأَلْفٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَقَتَلَتْهَا أَمَةٌ تُسَاوِي مِائَةً فَدَفَعَتْ بِهَا فَوَلَدَتْ الْمَدْفُوعَةُ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَاعْوَرَّتْ الْمَدْفُوعَةُ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ نَاقِصًا بِجُزْءٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ، وَهُوَ تِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَرُبْعُ دِرْهَمٍ وَجُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةِ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ (بَيَانُهُ) : أَنَّ الْأُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ انْقَسَمَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعَقْدِ، وَهِيَ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ، وَهِيَ أَلْفٌ أَيْضًا فَلَمَّا قَتَلَتْهَا أَمَةٌ قِيمَتُهَا مِائَةٌ، وَدَفَعَتْ بِهَا بَقِيَ مَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ لِقِيَامِهَا مَقَامَهَا لَحْمًا وَدَمًا كَأَنَّ الْأُولَى تَرَاجَعَ سِعْرُهَا فَلَمَّا وَلَدَتْ الْقَاتِلَةُ وَلَدًا انْقَسَمَ مَا فِيهَا عَلَى قِيمَةِ الْقَاتِلَةِ، وَهِيَ مِائَةٌ، وَعَلَى قِيمَةِ وَلَدِهَا، وَهِيَ أَلْفٌ فَصَارَ نِصْفُ الدَّيْنِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ فَصَارَ نِصْفُ الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ فَصَارَ كُلُّهُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فِي الْقَاتِلَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ بِالْعَوَرِ نِصْفُهُ فَانْكَسَرَ فَصَارَ بِالتَّضْعِيفِ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فِي الْوَلَدِ الثَّانِي وَسَهْمَانِ فِي الْقَاتِلَةِ ذَهَبَ بِالْعَوَرِ سَهْمٌ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الدَّعَاوَى فِي الرَّهْنِ وَالْخُصُومَاتِ فِيهِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) وَإِذَا ادَّعَى الرَّهْنَ الْوَاحِدَ رَجُلَانِ مِنْ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ رَهَنَهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَهُ مِنْهُ فَهَذِهِ