مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ افْتَكَّهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ ثُمَّ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أُخْرَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرَ بِثَوْبِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَرْهَنُهُ إلَى سَنَةٍ فَإِنْ افْتَكَّهُ رَبُّ الثَّوْبِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا، وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا وَصَدَّقَ الْمُرْتَهِنُ رَبَّ الثَّوْبِ أَنَّهُ ثَوْبُهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ، وَيَأْخُذُ دَيْنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ رَبُّ الثَّوْبِ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَعْلَمُ ثَوْبَكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا، أَوْ سَمَّى لَهُ مَالًا أَوْ عَيَّنَ لَهُ مَكَانًا، أَوْ مَتَاعًا، أَوْ شَخْصًا، فَإِنْ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ، وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَرْهَنُهُ بِهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِأَيِّ قَدْرٍ، وَبِأَيِّ نَوْعٍ شَاءَ، وَإِنْ سَمَّى لَهُ مِقْدَارًا فَرَهَنَ بِأَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ خَالَفَ إلَى شَرٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلُ قِيمَةِ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرُ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُعِيرُ فَإِنَّ بَعْضَهُ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَبَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بَلْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّهُ مَضْمُونًا، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ بِأَكْثَرَ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ الْمُعِيرُ إلَى الْفِكَاكِ لِيَصِلَ إلَى مِلْكِهِ وَرُبَّمَا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْفِكَاكُ مَتَى زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى لَمْ يَضْمَنْ بِأَنْ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ تِسْعَةٌ، فَإِنْ رَهَنَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تِسْعَةً لَا يَضْمَنُ، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ ضَمِنَ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، وَأَمَّا إذَا أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ مِنْ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَرَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِالْكُوفَةِ فَرَهَنَهُ بِالْبَصْرَةِ ضَمِنَ.
اخْتَلَفَا فِي الْهَلَاكِ وَالنُّقْصَانِ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُعِيرِ، فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الْمُعِيرَ اسْتَرَدَّ الرَّهْنَ قَبْلَ الْفِكَاكِ، وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ تَصَادَقَا عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ عَقْدٌ جَرَى بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا أَنَّهُمَا فَسَخَا ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِالدَّيْنِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُعِيرُ افْتِكَاكَهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ مَنْعُهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا قَضَى؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي قَضَائِهِ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ وَمِلْكِهِ، وَلَوْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَ الِافْتِكَاكِ