رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَبَرِّعًا لَا يَرْجِعُ بِمَا فَدَى، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْفِدَاءَ، وَالْآخَرُ الدَّفْعَ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَاخْتِيَارُهُ أَوْلَى ثُمَّ أَيُّهُمَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى الْعَبْدَ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ، وَلَا يَمْلِكُ الْآخَرُ دَفْعَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الَّذِي اخْتَارَ الْفِدَاءَ هُوَ الْمُرْتَهِنُ فَفَدَى بِجَمِيعِ الْأَرْشِ بَقِيَ الْعَبْدُ رَهْنًا كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ طَهُرَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ عَنْ الْجِنَايَةِ بِالْفِدَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ.

وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْأَمَانَةِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ: لَا يَرْجِعُ بَلْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَفِي رِوَايَةٍ يَرْجِعُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِدَيْنِهِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَذْكُرْ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ.

وَإِنْ كَانَ الَّذِي اخْتَارَ الْفِدَاءَ هُوَ الرَّاهِنُ فَفَدَاهُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَكُونُ قَاضِيًا بِنِصْفِ الْفِدَاءِ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ نِصْفُ الْفِدَاءِ مِثْلَ كُلِّ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَرَجَعَ بِالْفَضْلِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَيَحْبِسُهُ رَهْنًا بِهِ هَذَا إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ أَيُّهُمَا كَانَ الرَّاهِنَ، أَوْ الْمُرْتَهِنَ، فَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ هُوَ الْمُرْتَهِنَ فَفَدَاهُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي نِصْفِ الْفِدَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ وَبِنِصْفِ الْفِدَاءِ، وَلَكِنَّهُ يَحْبِسُ الْعَبْدَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ رَهْنًا بِنِصْفِ الْفِدَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُتَبَرِّعًا فِي نِصْفِ الْفِدَاءِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا بِدَيْنِهِ خَاصَّةً كَمَا لَوْ فَدَاهُ بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ هُوَ الرَّاهِنَ فَفَدَاهُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي نِصْفِ الْفِدَاءِ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ يَكُونُ قَاضِيًا بِنِصْفِ الْفِدَاءِ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ هَذَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا إذَا جَنَى عَلَى الرَّاهِنِ، أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَجِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِ الرَّاهِنِ جِنَايَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْمَالِ.

وَأَمَّا عَلَى مَالِهِ فَهَدَرٌ، وَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِ الْمُرْتَهِنِ فَهَدَرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مُعْتَبَرَةٌ يَدْفَعُ، أَوْ يَفْدِي إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَطْلُبُ الْجِنَايَةَ لِمَا فِي الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ مِنْ سُقُوطِ حَقِّي فَلَهُ ذَلِكَ، وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، وَالْعَبْدُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ هَكَذَا أَطْلَقَ الْكَرْخِيُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَفَصَّلَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015