حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِنُ بِدِينَارَيْنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرِ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ الْمَبِيعَ، وَأَعْطَاهُ ثَوْبًا آخَرَ حَتَّى يَكُونَ رَهْنًا بِالثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمْ يَكُنْ هَذَا رَهْنًا بِالثَّمَنِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّوْبَ الثَّانِيَ، فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ الثَّانِي عِنْدَ الْبَائِعِ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ يَهْلِكُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا بِخَمْسَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْكُبْرَى إذَا أَعْطَى الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ ثَوْبًا، وَقَالَ: هَذَا رَهْنٌ بِبَعْضِ حَقِّكَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ بِمَا شَاءَ الْمُرْتَهِنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَضَاهُ بَعْضَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ عَبْدًا، وَقَالَ: هَذَا رَهْنٌ عِنْدَكَ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِكَ، أَوْ قَالَ: رَهْنٌ عِنْدَكَ بِشَيْءٍ إنْ كَانَ بَقِيَ لَكَ فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَبَقِيَ لَكَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَبْقَ فَهُوَ رَهْنٌ جَائِزٌ، وَهُوَ رَهْنٌ بِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ.
وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخَذَ رَهْنًا بِالْعَيْبِ فِي الْمُشْتَرِي أَوْ بِالْعَيْبِ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي اقْتَضَى لَمْ يَجُزْ.
وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَقَالَ الْمُقْرِضُ: إنَّهَا لَا تَكْفِيَكَ لَكِنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِرَهْنٍ حَتَّى أَبْعَثَ إلَيْكَ مَا يَكْفِيَكَ فَبَعَثَ إلَيْهِ بِالرَّهْنِ فَضَاعَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الرَّهْنِ وَمِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ إذَا سَمَّى شَيْئًا، وَرَهَنَ فَهَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا سَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى شَيْئًا، فَقَدْ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ بِدَرَاهِمَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَفِي الْمُجَرَّدِ إذَا دَفَعَهُ رَهْنًا لِيُقْرِضَهُ عَشَرَةً فَلَمْ يُقْرِضْهُ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّدَّ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ ضَمِنَ الْعَشَرَةَ، وَلَوْ أَعْطَاهُ رَهْنًا بِنُقْصَانِ مَا ادَّعَى فَإِنْ ظَهَرَ النُّقْصَانُ فَهُوَ رَهْنٌ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ نِصْفِ الدَّيْنِ.
وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ رَهْنًا بِدِرْهَمِكَ، وَكَانَتْ خَمْسَةً يَهْلِكُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ.
وَلَوْ رَهَنَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ خَمْسَةٌ سَتُّوقَةٌ تُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهَا سُدُسُ الدَّيْنِ.
وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ، وَكَانَ مَعِيبًا، وَفِيهِ وَفَاءٌ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ، وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا، وَمِنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا، وَأَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّهْنَيْنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ الثَّانِي إنْ كَانَ الرَّاهِنُ الثَّانِي عَلِمَ بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَهْلِكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَهَلَكَ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الثَّانِيَ يَهْلِكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِلْمَ وَالْجَهْلَ، وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَيَجْعَلُ الرَّهْنَ الثَّانِيَ زِيَادَةً فِي الرَّهْنِ فَيَقْسِمُ الدَّيْنَ عَلَى قَدْرِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا فَأَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلِكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَرَهَنَ أَجْنَبِيٌّ بِالْأَلْفِ عَبْدًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، وَرَهَنَ بِهَا عَبْدًا آخَرَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ أَيْضًا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَوَّلُ رَهْنٌ بِالْأَلْفِ وَالثَّانِي بِخَمْسِمِائَةٍ، وَفِي آخِرِ رَهْنِ الْأَصْلِ