فَالْقَاضِي يُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ، وَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ التَّسْلِيمِ يَحْبِسُهُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، فَعَلِمَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الرَّهْنُ وَاجِبٌ ظَاهِرًا، وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً بِالْيَدِ، وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً بِالْيَدِ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ بَاطِلَةً كَانَ عَلَى الْمُسْتَوْفِي رَدُّ مَا اسْتَوْفَى كَذَا هَهُنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ.
وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِقِصَاصٍ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً جَازَ الرَّهْنُ.
وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
الرَّهْنُ بِالْخَرَاجِ جَائِزٌ لِأَنَّ الْخَرَاجَ دَيْنٌ كَسَائِرِ الدُّيُونِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِعَيْنِهَا وَأَخَذَتْ بِهَا رَهْنًا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا.
وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَأَخَذَ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ شَيْئًا وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا جَازَ، وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَجْرِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا وَأَخَذَ مِنْ الْخَيَّاطِ رَهْنًا بِالْخِيَاطَةِ جَازَ وَإِنْ أَخَذَ الرَّهْنَ بِخِيَاطَةِ هَذَا الْخَيَّاطِ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إبِلًا إلَى مَكَّةَ وَأَخَذَ مِنْ الْجَمَّالِ بِالْحُمُولَةِ رَهْنًا جَازَ، وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا بِحُمُولَةِ هَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِدَابَّةٍ بِعَيْنِهَا لَا يَجُوزُ
وَلَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَأَخَذَ الْمُعِيرُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ رَهْنًا بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ جَازَ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ بِالْعَارِيَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ نَوَّاحَةً أَوْ مُغَنِّيَةً، وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ بَاطِلًا، وَكَذَا الرَّهْنُ بِدَيْنِ الْقِمَارِ أَوْ بِثَمَنِ الْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الرَّهْنِ بِثَمَنِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ بِثَمَنِ الْخِنْزِيرِ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْعَبْدِ الْجَانِي وَلَا بِالْعَبْدِ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمَوْلَى لَوْ هَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا، وَأَعْطَى بِهَا رَهْنًا كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ مِثْلُهَا فِي الذِّمَّةِ، وَالرَّهْنُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى مَا فِي الذِّمَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .
وَفِي رَهْنِ الْعُيُونِ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: الرَّهْنُ بِعَيْنٍ هِيَ أَمَانَةٌ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ الثَّانِي: الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ الثَّالِثُ: الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُتَزَوَّجِ عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ، وَيَأْخُذُ الْعَيْنَ، وَإِنْ هَلَكَ الْعَيْنُ قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ رَهْنًا بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَوْ رَهَنَ أَرْضًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ طَائِفَةً مِنْهَا إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ بِعَيْنِهِ بَقِيَ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي جَائِزًا