إبَانَةً فَيُؤْكَلُ كُلُّهُ، وَإِنْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ طُولًا يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الصَّيْدِ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ، وَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِنْهُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ فَأَبَانَهُ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ الثُّلُثَانِ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ، وَلَا يُؤْكَلُ الثُّلُثُ الَّذِي مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ، وَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ النِّصْفِ إلَى الْعُنُقِ مَذْبَحٌ؛ لِأَنَّ الْأَوْدَاجَ تَكُونُ مِنْ الْقَلْبِ إلَى الدِّمَاغِ أَمَّا إذَا أَبَانَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ لَمْ تَتِمَّ الذَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْأَوْدَاجَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ فَيَتِمُّ فِعْلُ الذَّكَاةِ، فَيُؤْكَلُ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَدَّهُ نِصْفَيْنِ يَتِمُّ فِعْلُ الذَّكَاةِ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ فَيُؤْكَلُ كُلُّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ: وَلَوْ ضَرَبَ صَيْدًا، وَسَمَّى فَأَبَانَ طَائِفَةٌ مِنْ الرَّأْسِ إنْ كَانَ الْمُبَانُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الرَّأْسِ لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الصَّيْدِ حَيًّا بَعْدَ قَطْعِ هَذَا الْمِقْدَارِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَانُ نِصْفَ الرَّأْسِ، أَوْ أَكْثَرَ يُؤْكَلُ الْكُلُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ذَبَحَ شَاةً وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْأَوْدَاجَ إلَّا أَنَّ الْحَيَاةَ بَاقِيَةٌ فِيهَا، فَقَطَعَ إنْسَانٌ بِضْعَةً مِنْهَا تَحِلُّ تِلْكَ الْبِضْعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ كَلْبًا مُعَلَّمًا لِغَيْرِهِ أَوْ بَازِيًا مُعَلَّمًا لِغَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ هِرَّةَ غَيْرِهِ وَكُلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِهِ.
وَهِبَةُ الْمُعَلَّمِ مِنْ الْكِلَابِ وَوَصِيَّتُهُ جَائِزَةٌ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَنْ تَقَبَّلَ بَعْضَ الْمَفَازَةِ مِنْ السُّلْطَانِ فَاصْطَادَ فِيهِ غَيْرُهُ كَانَ الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا يَصِحُّ التَّقَبُّلُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
قَالَ: وَأَكْرَهُ تَعْلِيمَ الْبَازِي بِالطَّيْرِ الْحَيِّ يَأْخُذُهُ فَيَعْبَثُ بِهِ قَالَ: وَيَعْلَمُ بِالْمَذْبُوحِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ.
وَإِنْ اشْتَرَكَ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ فِي رَمْيِ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مُسْلِمٌ عَجَزَ عَنْ مَدِّ قَوْسِهِ بِنَفْسِهِ فَأَعَانَهُ عَلَى مَدِّهِ مَجُوسِيٌّ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ وَالْمُحَلَّلِ فَيَحْرُمُ كَمَا لَوْ أَخَذَ مَجُوسِيٌّ بِيَدِ الْمُسْلِمِ فَذَبَحَ، وَالسِّكِّينُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهَلْ يَحِلُّ إرْسَالُ الصَّيْدِ حَكَى أُسْتَاذُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِرْسَالُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إذَا أَرْسَلَهُ مُبِيحًا لِمَنْ أَخَذَهُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
(كِتَابُ الرَّهْنِ، وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ، وَمَا يَقَعُ بِهِ الرَّهْنُ، وَمَا لَا يَقَعُ، وَمَا يَجُوزُ الِارْتِهَانُ بِهِ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَرَهْنُ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الرَّهْنِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَجَعْلُ الشَّيْءِ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ كَالدُّيُونِ حَتَّى لَا يَصِحَّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ وَاجِبٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فَأَمَّا بِدَيْنٍ مَعْدُومٍ فَلَا يَصِحُّ؛ إذْ حُكْمُهُ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَتْلُو الْوُجُوبَ كَذَا فِي الْكَافِي
وَأَمَّا رُكْنُ عَقْدِ الرَّهْنِ فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ