(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شَرَائِطِ الِاصْطِيَادِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّيَّادُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْقِلَ الذَّبْحَ وَالتَّسْمِيَةَ حَتَّى لَا يُؤْكَلَ صَيْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إذَا كَانَا لَا يَعْقِلَانِ الذَّبْحَ وَالتَّسْمِيَةَ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ مِلَّةُ التَّوْحِيدِ دَعْوَى وَاعْتِقَادًا كَالْمُسْلِمِ أَوْ دَعْوَى لَا اعْتِقَادًا كَالْكِتَابِيِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ مُحْرِمًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْحَرَمِ حَتَّى لَا يُؤْكَلَ صَيْدُ الْمُحْرِمِ، وَلَا مَا اصْطَادَهُ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ، وَلَا بَأْسَ بِصَيْدِ الْأَخْرَسِ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّمْيِ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَفِي إرْسَالِ الْكَلْبِ وَالْبَازِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ وَقْتَ الْإِرْسَالِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الصَّيْدِ فِي الْإِرْسَالِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًا عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَ ذَلِكَ الصَّيْدَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَخَذَ عَدَدًا مِنْ الصُّيُودِ يَحِلُّ الْكُلُّ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ مَا دَامَ فِي وَجْهِ الْإِرْسَالِ.
وَلَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الرَّمْيِ أَوْ عِنْدَ إرْسَالِ الْكَلْبِ عَامِدًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ تَرَكَ نَاسِيًا حَلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ اخْتِيَارًا فَكَذَا اضْطِرَارًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَرْسَلَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ رَمَى وَسَمَّى الْمَسِيحَ لَمْ يُؤْكَلْ.
وَالْإِرْسَالُ شَرْطٌ فِي الْكَلْبِ وَالْبَازِي حَتَّى إنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ إذَا انْفَلَتَ مِنْ صَاحِبِهِ، وَأَخَذَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ، فَإِنْ صَاحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَلْبِ صَيْحَةً بَعْدَ مَا انْفَلَتَ، وَسَمَّى فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِصِيَاحِهِ بِأَنْ لَمْ يَزْدَدْ طَلَبًا وَحِرْصًا عَلَى الْأَخْذِ، فَأَخَذَ الصَّيْدَ لَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا انْزَجَرَ بِصِيَاحِهِ أُكِلَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ بِزَجْرِهِ، فَلَا بَأْسَ بِصَيْدِهِ، وَالْمُرَادُ بِالزَّجْرِ الْإِغْرَاءُ بِالصِّيَاحِ عَلَيْهِ وَبِالِانْزِجَارِ إظْهَارُ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُحْرِمِ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَجُوسِيِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَقَدْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّيْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمِ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إذَا زَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ فِي ذَهَابِهِ، فَأَمَّا إذَا وَقَفَ الْكَلْبُ عَنْ سُنَنِ الْإِرْسَالِ ثُمَّ زَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْزَجَرَ بِزَجْرِهِ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ وَلَكِنَّهُ انْبَعَثَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازِي عَلَى أَثَرِ الصَّيْدِ بِغَيْرِ إرْسَالٍ وَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ فَأَخَذَ يَحِلُّ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحِلَّ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ لَمْ يَحِلَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا، وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا، فَلَمَّا مَضَى الْكَلْبُ فِي أَثَرِ الصَّيْدِ سَمَّى وَزَجَرَهُ فَأَخَذَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ انْزَجَرَ بِزَجْرِهِ أَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. .
مِنْ شَرَائِطِ الِاصْطِيَادِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ كَالْوَثَنِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِعَمَلٍ آخَرَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْإِرْسَالِ بَلْ يَتْبَعُ أَثَرَ الصَّيْدِ وَالْكَلْبِ، وَإِذَا تَوَارَى الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ عَنْ الْمُرْسِلِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ