وَكَثِيرُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَخْتُجُ هُوَ الْحُمَيْدِيُّ وَهُوَ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَى الْمُثَلَّثِ وَيُتْرَكَ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيُقَالُ لَهُ: أَبُو يُوسُفِيٍّ لِكَثْرَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِإِبَاحَتِهِ هَذَا أَنْ يُطْبَخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ بَعْدَ مَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ قَبْلَ الْغَلَيَانِ وَالشِّدَّةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُثَلَّثِ فَإِنْ غَلَى وَاشْتَدَّ حَلَّ شُرْبُهُ مَا لَمْ يَسْكَرْ مِنْهُ فَإِنْ سَكِرَ مِنْهُ يُحَدُّ.
(وَأَمَّا الْجُمْهُورِيُّ) فَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءٍ الْعِنَبِ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَطُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ مَا دَامَ حُلْوًا حَلَّ شُرْبُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَهُوَ وَالْبَاذِقُ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ فَإِنْ صُبَّ الْمَاءُ عَلَى عُصَارَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَعُصِرَ وَاسْتُخْرِجَ الْمَاءُ فَغَلَى وَاشْتَدَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْخَمْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا شَرِبَ تِسْعَةَ أَقْدَاحٍ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ فَأُوجِرَ الْعَاشِرَ فَسَكِرَ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ يُضَافُ إلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ خُلِطَ عَصِيرُ الْعِنَبِ بِعَصِيرِ التَّمْرِ أَوْ بِنَقِيعِ الزَّبِيبِ ثُمَّ طُبِخَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَكَذَا إذَا صُبَّ فِي الْمَطْبُوخِ قَدَحٌ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَوْ عَصِيرِ الرُّطَبِ أَوْ نَبِيذِ التَّمْرِ أَوْ نَقِيعِ الزَّبِيبِ، وَهُوَ نِيءٌ ثُمَّ اشْتَدَّ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ لَمْ يَحِلَّ فَإِنْ طُبِخَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ إنْ كَانَ الْمَصْبُوبُ فِيهِ عَصِيرَ الْعِنَبِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ، وَإِنْ كَانَ الْمَصْبُوبُ مِنْ سَائِرِ الْأَنْبِذَةِ يَكْفِي أَصْلُ الطَّبْخِ لِلْحِلِّ، وَلَوْ أُلْقِيَ فِي الْمَطْبُوخِ عِنَبٌ أَوْ تَمْرٌ أَوْ زَبِيبٌ ثُمَّ اشْتَدَّ رَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُلْقَى قَلِيلًا لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ نَبِيذٌ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يُتَّخَذُ النَّبِيذُ مِنْ مِثْلِهِ ثُمَّ اشْتَدَّ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ لَمْ يَحِلَّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَلَوْ طُبِخَ الْعِنَبُ كَمَا هُوَ ثُمَّ يُعْصَرُ يُكْتَفَى بِأَدْنَى طَبْخَةٍ كَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَا لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ فِيهِ قَائِمٌ فَيَسْتَوِي اعْتِبَارُ الطَّبْخِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَبْلَهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أُلْقِيَ الْعِنَبُ فِي نَبِيذِ التَّمْرِ أَوْ فِي نَبِيذِ الْعَسَلِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يُطْبَخَ وَيَذْهَبَ ثُلُثَاهُ كَمَا فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ.
فَإِنْ جُمِعَ فِي الطَّبْخِ بَيْنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ أَوْ بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ لَا يَحِلُّ مَا لَمْ يَذْهَبْ بِالطَّبْخِ ثُلُثَاهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خُلِطَ عَصِيرُ الْعِنَبِ بِنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النَّبِيذَ الْمَطْبُوخَ إنْ لَمْ يَفْسُدْ بِالْبَقَاءِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ يَفْسُدُ فَهُوَ حَلَالٌ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
التَّمْرُ الْمَطْبُوخُ يُمْرَسُ فِيهِ الْعِنَبُ وَالْعِنَبُ غَيْرُ مَطْبُوخٍ فَيَغْلِيَانِ جَمِيعًا قَالَ يُكْرَهُ، وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ حَتَّى يَسْكَرَ إذَا كَانَ التَّمْرُ الْمَطْبُوخُ غَالِبًا، وَإِنْ كَانَ الْعِنَبُ غَالِبًا يُحَدُّ