وَاحِدٌ أَرْضًا مَيْتَةً وَكَرَى مِنْهَا نَهْرًا لِيَسْقِيَهَا إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَلَا يَكُونُ النَّهْرُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ وَلَهُمْ نَصْبُ الْأُرْجِيَّةِ وَالدَّوَالِي إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهُمْ وَاجِبٌ وَذَلِكَ بِأَنْ يَمِيلَ الْمَاءُ إلَى هَذَا الْجَانِبِ إذَا انْكَسَرَتْ ضِفَّتُهُ فَتُغْرِقُ الْقُرَى وَالْأَرَاضِي وَكَذَا شَقُّ السَّاقِيَةِ وَالدَّالِيَةِ.
وَالثَّالِثُ مَا يَجْرِي عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لِقَرْيَةٍ فَلِغَيْرِهِمْ فِيهِ شَرِكَةٌ فِي الشَّفَةِ وَهُوَ الشِّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ.
وَالرَّابِعُ مَا أُحْرِزَ فِي حَبٍّ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَهُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْإِحْرَازِ فَصَارَ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ إلَّا أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ لِقِيَامِ شُبْهَةِ الشَّرِكَةِ فِيهِ حَتَّى لَوْ سَرَقَهُ إنْسَانٌ فِي مَوْضِعٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابًا لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
الْمَاءُ الَّذِي فِي بِئْرِ رَجُلٍ أَوْ حَوْضِ رَجُلٍ فَلِغَيْرِهِ نَوْعُ شَرِكَةٍ مِنْ حَيْثُ الشَّفَةِ وَسَقْيِ دَوَابِّهِ حَتَّى إذَا أَخَذَ إنْسَانٌ مِنْ حَوْضِ غَيْرِهِ أَوْ بِئْرِهِ مَاءً لِلشِّرْبِ فَلَيْسَ صَاحِبُ الْحَوْضِ وَالْبِئْرِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ كَانَتْ الشَّفَةُ تَأْتِي عَلَى الْمَاءِ كُلِّهِ ذَكَرَ شِيحُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي هَذَا الْفَصْلِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ الْمَاءِ وِلَايَةَ الْمَنْعِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْعُيُونِ نَهْرٌ فِي مَدِينَةٍ أَجْرَاهُ الْإِمَامُ لِلشَّفَةِ فَأَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ بَسَاتِينَ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الشَّفَةِ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَضَرَّ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
نَهْرٌ لِقَوْمٍ وَلِرَجُلٍ أَرْضٌ بِجَنْبِهِ لَيْسَ لَهُ شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ وَيَسْقِيَ دَوَابَّهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ أَرْضًا أَوْ شَجَرًا أَوْ زَرْعًا وَلَا أَنْ يَنْصِبَ دُولَابًا عَلَى هَذَا النَّهْرِ لِأَرْضِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ الْمَاءَ مِنْهُ بِالْقُرَبِ وَالْأَوَانِي وَيَسْقِيَ زَرْعَهُ أَوْ شَجَرَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِأَهْلِ النَّهْرِ أَنْ يَمْنَعُوهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْوَجِيزِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالتَّبْيِينِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَنْ يَسْقُوا دَوَابَّهُمْ مِنْهُ قَالُوا إنْ كَانَ الْمَاءُ لَا يَنْقَطِعُ بِسَقْيِ الدَّوَابِّ وَلَا يَفْنَى لَيْسَ لِأَهْلِ النَّهْرِ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَنْقَطِعُ بِسَقْيِهِمْ بِأَنْ كَانَتْ الْإِبِلُ كَثِيرَةً كَانَ لَهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ تَنْكَسِرُ ضِفَّةُ النَّهْرِ وَيَخْرُبُ بِالسَّقْيِ كَانَ لَهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ وَإِلَّا فَلَا.
وَكَذَا الْعَيْنُ وَالْحَوْضُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ بِغَيْرِ إحْرَازٍ وَاحْتِيَالٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ الْخَاصِّ.
وَاخْتَلَفُوا فِي التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ السِّقَايَةِ جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا كُلُّ مَاءٍ أُعِدَّ لِلشِّرْبِ حَتَّى قَالُوا فِي الْحِيَاضِ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلشِّرْبِ لَا يَجُوزُ مِنْهَا التَّوَضُّؤُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ مَاءَ السِّقَايَةِ إلَى بَيْتِهِ لِيَشْرَبَ أَهْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ مِنْ نَهْرِ الْغَيْرِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ قَنَاتِهِ اُضْطُرَّ لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُضْطَرَّ وَإِنْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ النَّهْرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ أَخَذَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يُؤَدِّبُهُ السُّلْطَانُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ إنْ رَأَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النَّهْرِ الْخَاصِّ أَوْ مِنْ حَوْضِ رَجُلٍ أَوْ مِنْ بِئْرِ رَجُلٍ مَاءً بِالْجَرَّةِ لِلْوُضُوءِ أَوْ لِغَسْلِ الثِّيَابِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ أَوْ الْعَيْنُ أَوْ الْحَوْضُ أَوْ النَّهْرُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ الشَّفَةَ مِنْ الدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ يَجِدُ مَاءً آخَرَ بِقُرْبِ هَذَا الْمَاءِ فِي غَيْرِ مِلْكِ أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ ذَلِكَ يُقَالُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ إمَّا أَنْ تُخْرِجَ الْمَاءَ إلَيْهِ أَوْ تَتْرُكَهُ لِيَأْخُذَ بِنَفْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْسِرَ ضِفَّتَهُ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الشَّفَةِ فِي الْمَاءِ الَّذِي فِي حَوْضِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقِيلَ هَذَا إذَا احْتَفَرَهَا فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَمَّا إذَا احْتَفَرَهَا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ فَلَيْسَ لَهُ