كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ التَّحَرِّي)
(وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ التَّحَرِّي وَبَيَانِ رُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الشَّيْءِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ طَلَبُ الصَّوَابِ بِقَلْبِهِ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ يَقُومُ بِهِ وَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِهِ فَفَقْدُ سَائِرِ الْأَدِلَّةِ حَالَةُ اشْتِبَاهِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ إنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً حَالَ الِاشْتِبَاهِ وَفَقْدِ الْأَدِلَّةِ لِضَرُورَةِ عَجْزِهِ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ فَوُقُوعُ الْعَمَلِ صَوَابًا فِي الشَّرْعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلَانِ تَحَرَّيَا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ الْمُصِيبَ اخْتَصَّ بِصَوَابِ الْإِصَابَةِ كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْفَتَاوَى.
اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ إنْ شَكَّ فِي الدُّخُولِ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِالدُّخُولِ وَلَا يَتَحَرَّى وَإِنْ شَكَّ فِي الْخُرُوجِ يَنْوِي تِلْكَ الصَّلَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
رَجُلٌ صَلَّى بِالتَّحَرِّي إلَى الْجِهَةِ فِي مَفَازَةٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ النُّجُومَ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ قَالَ أُسْتَاذُنَا ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الْجَهْلِ بِالْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ الْمُعْتَادَةِ نَحْوَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا فَأَمَّا دَقَائِقُ عُلُومِ الْهَيْئَةِ وَصُوَرُ النُّجُومِ الثَّوَابِتِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْجَهْلِ بِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
امْرَأَةٌ مَكْفُوفَةٌ لَا تَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهَا إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ تَجِدْ أَحَدًا فَإِنَّهَا تَتَحَرَّى وَتُصَلِّي كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
ذَكَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ مِنْ الْأَصْلِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحَرِّيَ فِي بَابِ الْقِبْلَةِ كَمَا يَجُوزُ فِي خَارِجِ الْمِصْرِ يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ وَصُورَتُهَا قَوْمٌ مَرْضَى فِي بَيْتٍ بِاللَّيْلِ أَمَّهُمْ وَاحِدٌ وَصَلَّى بَعْضُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ وَبَعْضُهُمْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ أَصَابُوا يَعْنِي تَحَرَّوْا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الْأَصِحَّاءِ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ فَمِنْ الْمَرْضَى أَوْلَى وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَكَمَ بِجَوَازِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ. .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ ضَيْفًا وَكَانَ لَيْلًا وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَسْأَلُهُ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّي تَطَوُّعًا جَازَ لَهُ التَّحَرِّي.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ مَسْأَلَةَ الضَّيْفِ فَقَالَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ ضَيْفًا فِي بَيْتِ إنْسَانٍ فَنَامَ الْقَوْمُ فَأَرَادَ الضَّيْفُ أَنْ يَتَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ وَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا قَالُوا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَبَعْضُهُمْ قَالُوا إنْ كَانَ يُرِيدُ إقَامَةَ الْمَكْتُوبَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ تَهَجُّدَ اللَّيْلِ يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ مَشَايِخِنَا: إنَّ الصَّحِيحَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي فِي الْمِصْرِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَى إصَابَةِ الْجِهَةِ بِالسُّؤَالِ أَوْ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ غَالِبًا وَالْحُكْمُ يَنْبَنِي عَلَى الْغَالِبِ قَالُوا وَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَكُونُ فِي الرِّبَاطِ وَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ سَاكِنُونَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ دَخَلَ فِي مَسْجِدِ قَوْمٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهِ يَجِبُ السُّؤَالُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَإِنْ تَحَرَّى لَا يُجْزِئُهُ إلَّا إذَا أَصَابَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّ لَا يَجُوزُ.
وَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدِ نَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: هُوَ كَالْبَيْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَمَسْجِدِ غَيْرِهِ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ.
رَجُلَانِ خَرَجَا إلَى الْمَفَازَةِ فَتَحَرَّى كُلُّ وَاحِدٍ وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ صَاحِبِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا فَإِنْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ إلَى صَاحِبِهِ وَيَقْتَدِيَ إنْ اسْتَقْبَلَ التَّكْبِيرَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَقَدْ مَرَّ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ التَّحَرِّي