فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: أَرْبَعَةُ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لَوْنُهَا وَسَمْتُهَا وَاحِدٌ، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا وَاحِدَةً مِنْهَا مَاتَتْ وَلَا يُدْرَى لِمَنْ هِيَ، فَإِنَّهُ تُبَاعُ هَذِهِ الْأَغْنَامُ جُمْلَةً وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، ثُمَّ يُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ بِذَبْحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَيُحَلِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ أَيْضًا حَتَّى يَجُوزَ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَتْ لِزَوْجِهَا: ضَحِّ عَنِّي كُلَّ عَامٍ مِنْ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ وَقْتِهَا عَلَى الزَّوْجَةِ الْمُعْسِرَةِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُعْسِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً (ظت) وَلَا عَلَى أُمِّهِ الْمُعْسِرَةِ تَصَدُّقٌ بِلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، لَا يُجْزِئُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. إذَا لَمْ يَجِدْ أُضْحِيَّةً فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِطَلَبِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَمْشُونَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ لِشِرَاءِ الشِّيَاهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ) تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصًّا أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا قَاطِعًا لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فَإِلَى الْحَلَالِ أَقْرَبُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. وَالْأَصْلُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ إثْبَاتُ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الْحُرْمَةُ لِعَارِضٍ، يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ إنْ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَكَانَتْ الضَّرُورَةُ قَائِمَةً فِي حَقِّ الْعَامَّةِ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الضَّرُورَةُ هَذَا الْمَبْلَغَ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَصَارَ إلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى الْعَكْسِ إنْ كَانَ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةَ يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُ الْمُحَرَّمِ فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ، نَظِيرُ الْأَوَّلِ سُؤْرُ الْهِرَّةِ، وَنَظِيرُ الثَّانِي لَبَنُ الْأَتَانِ وَلُحُومُهَا، وَنَظِيرُ الثَّالِثِ سُؤْرُ الْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. (وَهَذَا الْكِتَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِينَ بَابًا) .
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ) نَحْوُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ حُرْمَةِ الْمَحَلِّ وَإِبَاحَتِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَفِي حُرْمَةِ الْعَيْنِ وَإِبَاحَتِهِ. خَبَرُ الْوَاحِدِ يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ كَالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا عَدْلًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَحْدُودًا أَوْ لَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْهِدَايَةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ إلَّا إذَا كَانَ قَبُولُ قَوْلِ الْكَافِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَتَضَمَّنُ قَوْلَهُ فِي الدِّيَانَاتِ، فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الدِّيَانَاتُ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ضَرُورَةً هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مِنْ أَرْسَلَ رَسُولًا مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، مَعْنَاهُ إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْحِلِّ