وَكَذَا عِنْدَ قُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ غَيْرِهِ تَعْظِيمًا، فَأَمَّا إذَا ذَبَحَ عِنْدَ غَيْبَةِ الضَّيْفِ لِأَجْلِ الضِّيَافَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ الْمُسْلِمُ إذَا ذَبَحَ فَأَمَرَّ الْمَجُوسِيُّ بِالسِّكِّينِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ يَحْرُمْ، وَلَوْ ذَبَحَ الْمَجُوسِيُّ وَأَمَرَّ الْمُسْلِمُ بَعْدَهُ لَمْ يَحِلَّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالْعُرُوقُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الذَّكَاةِ أَرْبَعَةٌ: الْحُلْقُومُ وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ، وَالْمَرِيءُ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالْوَدَجَانِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي جَانِبَيْ الرَّقَبَةِ يَجْرِي فِيهَا الدَّمُ، فَإِنْ قُطِعَ كُلُّ الْأَرْبَعَةِ حَلَّتْ الذَّبِيحَةُ، وَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَطَعَ نِصْفَ الْحُلْقُومِ وَنِصْفَ الْأَوْدَاجِ وَنِصْفَ الْمَرِيءِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعِ الْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ وَلَيْسَ لِلنِّصْفِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَالْأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ وَدَجَيْنِ يَحِلُّ وَمَا لَا فَلَا، قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهُوَ أَصَحُّ الْجَوَابَاتِ، وَإِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، فَإِنْ قَطَعَ الْأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ حَلَّتْ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْأَكْثَرِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا تَحِلُّ، وَيُكْرَهُ هَذَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ إيلَامٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَشْرَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ قَالُوا يُكْرَهُ ذَبْحُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الْوَلَدِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الْجَنِينَ لَا يَتَذَكَّى بِذَكَاةِ الْأُمِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مَنْ نَحَرَ نَاقَةً أَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا تَمَّ خَلْقُهُ أُكِلَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
الْجَنِينُ إذَا خَرَجَ حَيًّا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ يُؤْكَلُ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
رَجُلٌ شَقَّ بَطْنَ شَاةٍ فَأَخْرَجَ الْوَلَدَ حَيًّا وَذَبَحَ ثُمَّ ذَبَحَ الشَّاةَ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الشَّاةُ لَا تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ لَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بِالْأَوَّلِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِذَكَاةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ هُوَ الثَّانِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَدْخَلَ يَدَهُ فِي فَرْجِ بَقَرَةٍ وَذَبَحَ وَلَدَهَا فِي بَطْنِهَا حِينَ عَسُرَتْ الْوِلَادَةُ عَلَيْهَا، إنْ مِنْ مَذْبَحٍ حَلَّ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الذَّبْحُ مِنْ الْمَذْبَحِ حَلَّ، وَإِنْ أَمْكَنَ لَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
سِنَّوْرٌ قَطَعَ رَأْسَ دَجَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالذَّبْحِ، وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَالْآلَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ قَاطِعَةٌ وَفَاسِخَةٌ وَالْقَاطِعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حَادَّةٌ وَكَلِيلَةٌ، فَالْحَادَّةُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ حَدِيدًا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ بِاللِّيطَةِ أَوْ بِالْمَرْوَةِ أَوْ بِشَقَّةِ الْعَصَا أَوْ بِالْعَظْمِ، وَالْكَلِيلَةُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا وَيُكْرَهُ، وَلَوْ ذَبَحَ بِسِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ مَنْزُوعٍ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا الْآلَةُ الَّتِي تُفْسَخُ فَالظُّفْرُ الْقَائِمُ وَالسِّنُّ الْقَائِمُ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ ذَبَحَ كَانَتْ مَيْتَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَالسُّنَّةُ فِي الْبَعِيرِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يُنْحَرَ قَائِمًا مَعْقُولَ الْيَدِ الْيُسْرَى، فَإِنْ أَضْجَعَهُ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَالسُّنَّةُ فِي الشَّاةِ وَالْبَقَرِ أَنْ يُذْبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَضْجَعًا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِقَطْعِ الْعُرُوقِ وَيُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ فِي الْجَمِيعِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِالنَّهَارِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الذَّبْحِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِآلَةٍ حَادَّةٍ مِنْ الْحَدِيدِ كَالسِّكِّينِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ وَبِالْكَلِيلِ مِنْ الْحَدِيدِ، وَمِنْهَا التَّرْفِيقُ فِي قَطْعِ الْأَوْدَاجِ، وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ الذَّبْحُ مِنْ قِبَلِ الْحُلْقُومِ، وَيُكْرَهُ الذَّبْحُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ كُلِّهَا وَيُكْرَهُ قَطْعُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَيُسْتَحَبُّ الِاكْتِفَاءُ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ وَلَا يُبَايَنُ الرَّأْسُ وَلَوْ فَعَلَ يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِهِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ: لَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ، وَيُكْرَهُ لَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ أَنْ يَنْخَعَهَا وَهُوَ أَنْ يَنْحَرَهَا حَتَّى يَبْلُغَ النُّخَاعَ وَأَنْ يَسْلُخَهَا قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ، فَإِنْ نَخَعَ أَوْ سَلَخَ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَيُكْرَهُ جَرُّهَا بِرِجْلِهَا إلَى الْمَذْبَحِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُضْجِعَهَا وَيَحُدَّ الشَّفْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ