قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا وَلَكِنْ فِي وَقْتٍ لَوْ قُطِعَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ فَلَا شَرِكَةَ فِيهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ رُطَبَةً قَدْ انْتَهَى جِذَاذُهَا عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا الْعَامِلُ وَيَسْقِيَهَا حَتَّى يَخْرُجَ بَذْرُهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَذْرِهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا وَقْتًا؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ الْبَذْرِ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا وَالرُّطَبَةُ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ تَكُونَ الرُّطَبَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ غِرَاسَ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ نَخْلٍ قَدْ عُلِّقَ فِي الْأَرْضِ، وَلَمْ تَبْلُغْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَ نَخْلَهُ فَمَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ مُعَامَلَةٌ فَاسِدَةٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ سِنِينَ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي فِي كَمْ تَحْمِلُ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَالْكَرْمُ، وَالْأَشْجَارُ تَتَفَاوَتُ فِي ذَلِكَ لِتَفَاوُتِ مَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَإِنْ بَيَّنَا مُدَّةً مَعْلُومَةً صَارَ مِقْدَارُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْعَامِلِ مَعْلُومًا فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ النَّخْلَ مُعَامَلَةً وَأَرَادَ الْعَامِلُ أَنْ يَضَعَ الْوَصْلَ عَلَى الْأَشْجَارِ فَأَصْلُ الْقَضِيبِ عَلَى الدَّافِعِ، ثُمَّ الْعَمَلُ فِي الْوَصْلِ مِنْ ضَرْبِ آلَةِ الشَّقِّ حَتَّى يَنْشَقَّ الشَّجَرُ فَيَدْخُلُ قَضِيبُ الْوَصْلِ فِي الشَّقِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتِمَّ الْوَصْلُ عَلَى الْعَامِلِ، وَعَلَى هَذَا الْقَضِيبُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْغَرْسُ عَلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ وَالْعَمَلِ لِيَصِيرَ غَرْسًا عَلَى الْعَامِلِ، وَكَذَا الدَّعَائِمُ عَلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ وَنَصُّهَا فِي الْكَرْمِ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى هَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي دِيَارِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
حَرَّاثٌ غَرَسَ أَشْجَارًا فِي أَرْضٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَمَّا كَبُرَتْ الْأَشْجَارُ اخْتَصَمَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ مُقِرًّا بِأَنَّ الْأَشْجَارَ غَرَسَهَا الْحَرَّاثُ مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ فَهِيَ لِلْحَرَّاثِ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ غَرَسَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَرَسَ بِأَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ شَرِكَةٍ تَطِيبُ لَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ تَالَّةً لِيَغْرِسَهَا عَلَى حَافَّةِ نَهْرٍ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَلَمَّا غَرَسَ وَأَدْرَكَ الشَّجَرُ قَالَ الدَّافِعُ لِلْغَارِسِ كُنْتَ خَادِمِي، وَفِي عِيَالِي دَفَعْتُ إلَيْكَ التَّالَّةَ لِتَغْرِسَهَا لِي فَتَكُونُ الْأَشْجَارُ لِي، قَالُوا: إنْ عَلِمَ أَنَّ التَّالَّةَ كَانَتْ لِلْغَارِسِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ التَّالَّةُ لِلدَّافِعِ، فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ فِي عِيَالِ الدَّافِعِ يَعْمَل لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَارِسُ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَارِسُ قَلَعَ التَّالَّةَ مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ وَغَرَسَهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلَعَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ كَرْمَهُ مُعَامَلَةً فَأَثْمَرَ وَكَانَ الدَّافِعُ وَأَهْلُ دَارِهِ يَدْخُلُونَ الْكَرْمَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَحْمِلُونَ وَالْعَامِلُ لَا يَدْخُلُ إلَّا قَلِيلًا، فَإِنْ أَكَلَ أَهْلُ دَارِ الدَّافِعِ أَوْ حَمَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ الدَّافِعِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ أَخَذُوا بِإِذْنِهِ وَهُمْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ فَهُوَ ضَامِنٌ نَصِيبَ الْعَامِلِ كَمَا لَوْ قَبَضَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُنَاكَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَقَامَ عَلَيْهِ وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ بُسْرًا أَخْضَرَ، ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَاسِ، وَكَانَ الْبُسْرُ بَيْنَ وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْعَامِلِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِدَرَاهِمَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا مَاتَ، فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، ثُمَّ انْتِقَاضُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بِمَنْزِلَةِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَقْضِهَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَلَوْ نَقَضَاهَا وَالْخَارِجُ بُسْرٌ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: لِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَقُومُ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ فِي انْتِقَاضِ الْعَقْدِ بِمَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ إضْرَارًا بِالْعَامِلِ وَإِبْطَالًا لِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِعَقْدِ الْمُعَامَلَةِ وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ فِي الْأَشْجَارِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ يُكَلَّفُ الْجِذَاذَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ.
وَكَمَا يَجُوزُ نَقْضُ الْإِجَارَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ ابْتِدَاءً لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ أَنَا: آخُذُ نِصْفَ الْبُسْرِ، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ