وَمِنْهَا) أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُعَامَلَةً إلَّا إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ.

(وَأَمَّا حُكْمُ الْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ فَأَنْوَاعٌ) : مِنْهَا أَنْ لَا يُجْبَرَ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ. (وَمِنْهَا) أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ. (وَمِنْهَا) أَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْخَارِجِ بَلْ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الشَّجَرُ شَيْئًا. (وَمِنْهَا) أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِيهَا يَجِبُ مُقَدَّرًا بِالْمُسَمَّى لَا يَتَجَاوَزُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ تَمَامًا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا كَانَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ تَمَامًا بِلَا خِلَافٍ.

(وَأَمَّا) (الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ عُذْرٌ فِي فَسْخِهَا) : فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ سَارِقًا مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ فَيُخَافُ عَلَى الثَّمَرَةِ. وَأَمَّا الَّتِي تَنْفَسِخُ بِهَا الْمُعَامَلَةُ فَالْإِقَالَةُ وَانْقِضَاءُ الْمُدَّةِ وَمَوْتُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَتُفْسَخُ بِمَرَضِ الْعَامِلِ إذَا كَانَ بِضَعْفِهِ عَنْ الْعَمَلِ، وَلَوْ أَرَادَ الْعَامِلُ تَرْكَ الْعَمَلِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ فِي الصَّحِيحِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) الْمُعَامَلَةُ فِي الْأَشْجَارِ وَالْكَرْمِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ إذَا ذَكَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَمَّى جُزْءًا مُشَاعًا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةَ.

وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا مُعَامَلَةً أَشْهُرًا مَعْلُومَةً يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ وَالْكَرْمَ لَا يُخْرِجُ ثَمَرَةً فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً قَدْ تُخْرِجُ الثَّمَرَةَ وَقَدْ لَا تُخْرِجُ فَالْمُعَامَلَةُ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الثَّمَرَةَ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فَسَدَتْ، وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ شَيْئًا لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُرْغَبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ النَّخِيلُ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ يُنْظَرُ إنْ أَخْرَجَتْ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِعِلَّةٍ حَدَثَتْ بِهَا فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُعَامَلَةً خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ سَنَةٍ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا دَفَعَ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّخِيلُ مَعَ الثَّمَرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ كَانَ النَّخِيلُ فِي حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فِي حَقِّ النَّخِيلِ وَالثِّمَارِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خُرُوجُ الْأَشْجَارِ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَثْمَرَتْ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ كَرْمًا مُعَامَلَةً، وَفِيهَا أَشْجَارٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ قَالُوا: إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَذَهَبَتْ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَيَكُونُ الْحِفْظُ هَاهُنَا لِلنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَا تَذْهَبُ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ نَصِيبٌ مِنْ تِلْكَ الثِّمَارِ، وَلَوْ دَفَعَ شَجَرَ الْجَوْزِ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ جَازَ دَفْعُهَا مُعَامَلَةً وَلِلْعَامِلِ حِصَّةٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ أَوْ الْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَجُلٌ دَفَعَ نَخْلًا إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا السُّدُسَ وَلِلْآخَرِ النِّصْفَ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ نَخِيلًا مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ يُلَقِّحَاهُ بِتَلْقِيحٍ مِنْ عِنْدِهِمَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ شَرَطُوا أَنَّ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ الثُّلُثَ وَلِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ مِائَةً عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ الْآخَرِ عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ الْمُسَمَّى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَامِلُ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَبِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْآخَرِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِذَا شَرَطَ رَبُّ النَّخِيلِ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْعَامِلِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ السَّقْيِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ شَيْئًا لَا بُدَّ مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015