فَيَكُونُ هَذَا إقْرَاضًا مِنْهُ لِلْبَذْرِ لِوَرَثَةِ الْآجِرِ إذْ لَيْسَ فِي قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ لِنَفْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ازْرَعُوهَا لِي أَوْ لِيَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى وَرَثَةِ الْآجِرِ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَذْرِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ دَفَعَتْ ضَيْعَةَ ابْنِهَا الْبَالِغِ مُعَامَلَةً وَكَانَ الِابْنُ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ، قَالَ: لَا يَكُونُ رِضًا، سُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرَ الْآجِرُ ضَيْعَتَهُ مُعَامَلَةً سَنَةً بِأَلْفِ مَنٍّ مِنْ الْعِنَبِ الْقَلَانِسِيِّ قَالَ: لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْآجِرِ مُزَارَعَةً إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْآجِرِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ فِي مَسَائِلِ الْمُزَارَعَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِي نَوَادِرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَجَعَلَ هَذَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلَ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَرْضِ إلَى الْآجِرِ مُزَارَعَةً سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمُؤَاجِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ كَرْمَهُ بِمَاءٍ حَرَامٍ أَوْ نَجِسٍ يَطِيبُ لَهُ مَا خَرَجَ، كَمَنْ عَلَفَ حِمَارَهُ بِعَلَفِ غَيْرِهِ فَمَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَاءِ يَطِيبُ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَةِ الْآجِرِ أَوْ إلَى ابْنِ الْآجِرِ مُزَارَعَةً وَشَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْمُزَارِعِ وَالِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ فَزَرَعَهَا الْأَبُ وَهُوَ الْآجِرُ، فَإِنْ زَرَعَهَا بِطَرِيقِ الْإِعَانَةِ لِلِابْنِ بِأَنْ كَانَ أَقْرَضَ الْبَذْرَ لِلِابْنِ فَالْغَلَّةُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يُقْرِضْ الْبَذْرَ لِلِابْنِ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْآجِرِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ أَرْضًا مِنْ امْرَأَةٍ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى زَوْجِهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ مُقَاطَعَةً كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْأَوْلَادُ الْكِبَارُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى لِهَذَا الْمَيِّتِ فَعَمِلَ الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ عَمَلَ الْحِرَاثَةِ فَزَرَعُوا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ فِي أَرْضٍ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ (الكديورين) كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُ أَحْوَالَهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً فَهَذِهِ الْغَلَّاتُ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَوْلَادِ أَوْ تَكُونُ خَاصَّةً لِلْمُزَارِعِينَ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ إنْ كَانُوا كِبَارًا أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ إنْ كَانَ الْبَاقُونَ صِغَارًا كَانَتْ الْغَلَّاتُ كُلُّهَا عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ كَانَتْ الْغَلَّاتُ لِلْمُزَارِعِينَ، وَإِنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَصِيِّ فَالْغَلَّاتُ لِلْمُزَارِعِينَ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا غَصَبَة، وَمَنْ غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَفِيهَا قَوَائِمُ الْقُطْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ قَوَائِمُ الْقُطْنِ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا إذَا أَضَافَ إلَى وَقْتِ فَرَاغِ الْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

دَفَعَ أَرْضًا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا فَزَرَعَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ وَأَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمُزَارِعِ وَقَالَ: إنِّي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ فُلَانٍ غَيْرِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْكَ الْأَرْضَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكَهُ فَنِصْفُ الْغَلَّةِ لِي فَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الْغَلَّةِ ثُمَّ جَاءَ الدَّافِعُ، فَإِنْ صَدَقَ الْمُدَّعِي فِيمَا قَالَ وَلَمْ يُخَاصِمْ الْمُزَارِعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَخَاصَمَ الْمُزَارِعَ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الْمُدَّعِي أَخَذَ نِصْفَ الْغَلَّةِ تَغَلُّبًا فَلِلدَّافِعِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُزَارِعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ يَهْلَكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا أَخَذَ إنْ وَجَدَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ دَفَعَ النِّصْفَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَغَلُّبٍ مِنْهُ عَنْ اخْتِيَارِهِ كَانَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَيَجْعَلُ الْمُزَارِعَ دَافِعًا نَصِيبَهُ إلَى الْمُدَّعِي، وَالْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي حِينَمَا أَخَذَ نِصْفَ الْغَلَّةِ قَالَ لِلْمُزَارِعِ: خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنِّي مُزَارَعَةً فَأَخَذَ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ وَهَلْ تَنْفَسِخُ الْمُزَارَعَةُ؟ . الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ لَا يَصِحُّ هَذَا وَلَا يَنْفَسِخُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015