سِتُّونَ وَأَصَابَك سِتُّونَ وَلَمْ أَغْصِبْك وَقَدْ تَقَابَضْنَا فَإِنْ هَذَا إقْرَارٌ بِفَضْلِ عَشْرٍ مِنْ الْغَنَمِ لَيْسَ فِيهَا قِسْمَةٌ وَإِذَا حَلَفَ بِعَيْنِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ فِي يَدِهِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَيَرُدُّهَا لِتُقْسَمَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِفَضْلٍ عَلَى مِائَةٍ وَقَالَ: كَانَتْ مِائَةً فَأَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَصَابَك أَرْبَعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعَيْنِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ قِبَلَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ أَبْرَأهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِائَةِ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْفَضْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا اقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ وَإِلَّا فَسَدَتْ الْقِسْمَةُ فَالسَّبِيلُ أَنْ تُرَدَّ السِّتُّونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَتُسْتَقْبَلَ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِفَسَادِ الْقِسْمَةِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّانِي عَشْرَ فِي الْمُهَايَأَةِ) وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَاجِبَةٌ إذَا طَلَبَهَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ قِسْمَةَ الْأَصْلِ وَأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِالزَّمَانِ وَقَدْ تَكُونُ بِالْمَكَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ يُقَسِّمُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْكَافِي.
تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ جَوَازِهَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُتَفَاوِتَةِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالْأَرَاضِي تُعْتَبَرُ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ مُبَادَلَةً مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِهَذِهِ الْمُهَايَأَةِ فَإِذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ قِسْمَةَ الْأَصْلِ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهَا وَإِنْ جَرَتْ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ كَالدُّورِ وَالْعَبِيدِ تُعْتَبَرُ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَجُوزَ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهَذَا بِعِوَضٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَتْرُكُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى صَاحِبِهِ فِي نَوْبَةِ صَاحِبِهِ إنَّمَا يَتْرُكُ بِشَرْطِ أَنْ يَتْرُكَ صَاحِبُهُ نَصِيبَهُ عَلَيْهِ فِي نَوْبَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَبْطُلُ التَّهَايُؤُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَضَ لَاسْتَأْنَفَهُ الْحَاكِمُ وَلَا فَائِدَةَ فِي النَّقْضِ ثُمَّ الِاسْتِئْنَافِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا الْعَيْنَ وَيُبْطِلَا الْمُهَايَأَةَ إذَا بَدَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْمُهَايَأَةِ فِي الْحَيَوَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَقْضُ الْمُهَايَأَةِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا النَّقْضُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ بِتَرَاضِيهِمَا أَمَّا إذَا حَصَلَتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْقُضَ مَا لَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى النَّقْضِ فَأَمَّا إذَا حَصَلَتْ بِتَرَاضِيهِمَا لَوْ نَقَضَاهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مِثْلِهَا ثَانِيًا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى مَا هُوَ أَعْدَلُ مِنْ هَذِهِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي مَنْزِلِهِ بِنَاءً أَوْ يَنْقُضَهُ أَوْ يَفْتَحَ بَابًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِيهَا مَنَازِلُ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْزِلًا مَعْلُومًا أَوْ عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا أَوْ يُؤَاجِرَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ تَهَايَآ فِي الدَّارِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ بِأَنْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً وَهَذَا سَنَةً أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً فَالتَّهَايُؤُ فِي السُّكْنَى جَائِزٌ إذَا فُعِلَ بِتَرَاضِيهِمَا وَأَمَّا إذَا تَهَايَآ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَهَا هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً اخْتَلَفُوا فِيهِ.