وَالْمَوْزُونَ جَمِيعًا لَا أَحَدَهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ حَتَّى يَكُونَ الْمَقْسُومُ أَجْنَاسًا فَيَكُونُ قِسْمَةً لَا يُوجِبُهَا الْحُكْمُ بِتَرَاضِيهِمَا فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْحِنْطَةَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالشَّعِيرَ عَلَى الِانْفِرَادِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صِفَتُهَا مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَ الْبَعْضُ عِلْكَةً وَالْبَعْضُ رَخْوًا أَوْ الْبَعْضُ حُمْرًا وَالْبَعْضُ بِيضًا وَاقْتَسَمَا كَذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ الْقِسْمَةُ وَاقِعَةً عَلَى وَجْهٍ لَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ أَوْ كَانَتْ صِفَتُهَا وَاحِدَةً إلَّا أَنَّهُ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَعْلَى الصُّبْرَةِ وَأَصَابَ الْآخَرُ مِنْ أَسْفَلِهَا وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الذَّهَبِ التِّبْرِ وَالْفِضَّةِ التِّبْرِ وَكَذَلِكَ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ وَاللَّآلِئِ وَكَذَلِكَ الْعُرُوض كُلُّهَا وَكَذَلِكَ السِّلَاحُ وَالسُّيُوفُ وَالسُّرُوجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَتْ أَلْفَا دِرْهَمٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كُلُّ أَلْفٍ فِي كِيسٍ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا كِيسًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الْكِيسَ الْآخَرَ وَقَدْ رَأَى أَحَدُهُمَا الْمَالَ كُلَّهُ وَلَمْ يَرَهُ الْآخَرُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الَّذِي رَآهُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِسْمُ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَالَ شَرَّهُمَا فَيَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا قَسَّمَ الرَّجُلَانِ دَارًا وَقَدْ رَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ظَاهِرَ الدَّارِ وَظَاهِرَ الْمَنْزِلِ الَّذِي أَصَابَهُ وَلَمْ يَرَ جَوْفَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَا بُسْتَانًا وَكَرْمًا فَأَصَابَ أَحَدَهُمَا الْبُسْتَانُ وَالْآخَرَ الْكَرْمُ وَلَمْ يَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي أَصَابَهُ وَلَا رَأَى جَوْفَهُ وَلَا نَخْلَهُ وَلَا شَجَرَهُ وَلَكِنَّهُ رَأَى الْحَائِطَ مِنْ ظَاهِرِهِ فَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ، وَرُؤْيَةُ الظَّاهِرِ مِثْلُ رُؤْيَةِ الْبَاطِنِ وَكَذَلِكَ فِي الثِّيَابِ الْمَطْوِيَّةِ يُجْعَلُ رُؤْيَةُ جُزْءٍ مِنْ ظَاهِرِ كُلِّ ثَوْبٍ كَرُؤْيَةِ الْجَمِيعِ فِي إسْقَاطِ الْخِيَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: وَلَا رَأَى شَجَرَهُ وَلَا نَخْلَهُ. كُلُّ الشَّجَرِ وَكُلُّ النَّخْلِ إنَّمَا رَأَى رُءُوسَ الْأَشْجَارِ وَرُءُوسَ النَّخِيلِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَرَ رُءُوسَ الْأَشْجَارِ أَيْضًا لَا يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَهَذَا الْقَائِلُ هَكَذَا يَقُولُ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ، ثُمَّ إذَا ثَبَتَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَثْبُتُ يَبْطُلُ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ هَذَا الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ فِي نَوْعَيْ الْقِسْمَةِ جَمِيعًا وَمَنْ وَجَدَ مِنْ الشُّرَكَاءِ عَيْبًا فِي شَيْءٍ مِنْ قَسْمِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ رَدَّ جَمِيعَ نَصِيبِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ شَيْئًا وَاحِدًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ أَوْ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ يَرُدُّ جَمِيعَ نَصِيبِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَالْأَغْنَامِ يَرُدُّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ وَمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ كَذَا يَبْطُلُ بِهِ فِي الْقِسْمَةِ، وَإِذَا اسْتَخْدَمَ الْجَارِيَةَ بَعْدَمَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَدَّهَا اسْتِحْسَانًا.
وَإِذَا دَاوَمَ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بِالدَّارِ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ اسْتِحْسَانًا أَيْضًا وَإِذَا دَاوَمَ عَلَى لُبْسِ الثَّوْبِ أَوْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَوْ دَاوَمَ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ لَا يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَأَمَّا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ: إذَا سَكَنَ الدَّارَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ دَاوَمَ عَلَى السُّكْنَى ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إذَا سَكَنَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سَقَطَ خِيَارُهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا أَنْشَأَ السُّكْنَى وَبَيْنَ مَا إذَا دَاوَمَ عَلَى السُّكْنَى فَمَنْ فَرَّقَ مِنْ الْمَشَايِخِ بَيْنَ إنْشَاءِ السُّكْنَى وَبَيْنَ الدَّوَامِ عَلَيْهَا فِي مَسْأَلَةِ الْقِسْمَةِ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَيَقُولُ: خِيَارُ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِإِنْشَاءِ السُّكْنَى وَلَا يَبْطُلُ بِالدَّوَامِ عَلَيْهَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَمَنْ قَالَ: خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْقِسْمَةِ لَا يَبْطُلُ لَا بِإِنْشَاءِ السُّكْنَى وَلَا بِدَوَامِهَا قَالَ بِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِإِنْشَاءِ السُّكْنَى وَبِدَوَامِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ السُّكْنَى فِي خِيَارِ الْعَيْبِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِإِمْكَانِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ مُدَّةَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَدْ تَطُولُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَعَسَى لَا يَرْضَى بِهِ خَصْمُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ يَعْتَمِدُ سَابِقَةَ الْخُصُومَةِ وَعَسَى تَطُولُ فَمَتَى لَمْ يَسْكُنْهَا تَخْرَبُ لِأَنَّ الدَّارَ تَخْرَبُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَيَعْجَزُ عَنْ الرَّدِّ حِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى السُّكْنَى؛ لِإِمْكَانِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمِلْكِ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ فَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْعَيْبِ فَأَمَّا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى السُّكْنَى لِإِمْكَانِ الرَّدِّ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى قَضَاءٍ أَوْ رِضًا فَلَا تَطُولُ مُدَّةُ الرَّدِّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى السُّكْنَى؛ لِإِمْكَانِ الرَّدِّ فَكَانَ لِاخْتِيَارِ الْمِلْكِ فَيُوجِبُ