فِيمَا بَيْنَهُمْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بِنَاءٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي أَرْضِ رَجُلٍ قَدْ بَنَيَاهُ فِيهَا بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَرَادَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَلَهُمَا ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَهَدْمَهُ وَأَبَى الْآخَرُ فَفِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ إتْلَافُ الْمِلْكِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ إذَا أَرَادَا أَنْ يَفْعَلَاهُ لَمْ يَمْنَعْهُمَا عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَخْرَجَهُمَا صَاحِبُ الْأَرْضِ هَدَمَاهُ ثُمَّ النَّقْضُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا فَيَفْصِلُهُ الْقَاضِي عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: دُكَّانٌ فِي السُّوقِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَبِيعَانِ فِيهِ بَيْعًا أَوْ يَعْمَلَانِ فِيهِ بِأَيْدِيهِمَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ وَأَبَى الْآخَرُ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ لَوْ قُسِّمَ أَمْكَنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي نَصِيبِهِ الْعَمَلَ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قُسِّمَ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لَا يُقَسَّمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فِي أَرْضٍ لِغَيْرِهِمْ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ الزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أُدْرِكَ لَمْ أُقَسِّمْهُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يُحْصَدَ لَا بِالتَّرَاضِي وَلَا بِغَيْرِ التَّرَاضِي لِأَنَّ الْحِنْطَةَ مَالُ الرِّبَا فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ مُجَازَفَةً إلَّا بِالْكَيْلِ وَلَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْكَيْلِ قَبْلَ الْحَصَادِ وَإِنْ كَانَ بَقْلًا لَمْ أُقَسِّمْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا فِي الْبَقْلِ أَنَّهُ يَجُذَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَصَابَهُ فَإِذَا اقْتَسَمُوهُ عَلَى هَذَا بِتَرَاضِيهِمْ أَجَزْتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا كَانَ زَرْعٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَرَادَا قِسْمَةَ الزَّرْعِ فِيمَا بَيْنَهُمَا دُونَ الْأَرْضِ فَالْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ أَمَّا إذَا بَلَغَ الزَّرْعُ وَتَسَنْبَلَ فَلِأَنَّهُ بَعْدَ مَا بَلَغَ وَتَسَنْبَلَ صَارَ مَالَ الرِّبَا وَفِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَلَا تَجُوزُ مُجَازَفَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا فَإِنَّمَا لَا يُقَسِّمُ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِشَرْطِ التَّرْكِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَهُ أَنْ يُقَسِّمَ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَسِّمَ الْقَاضِي وَإِنْ رَضِيَا بِهِ هَذَا إذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ مِنْ الْقَاضِي وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ فَالْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ أَقْتَسَمَا الزَّرْعَ بِأَنْفُسِهِمَا.
فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ بَلَغَ وَتَسَنْبَلَ فَالْجَوَابُ فِيهِ قَدْ مَرَّ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا إنْ قَسَّمَا بِشَرْطِ التَّرْكِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَسَّمَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ جَازَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَرْعٌ فِي أَرْضِهِمَا فَطَلَبَا قِسْمَةَ الزَّرْعِ دُونَ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا وَشَرَطَا تَرْكَهُ فِي الْأَرْضِ أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْقَلْعِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ أُدْرِكَ وَشَرَطَا الْحَصَادَ جَازَتْ الْقِسْمَةُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ شَرَطَا التَّرْكَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ الْقِسْمَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا طَلْعٌ عَلَى النَّخِيلِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَا قِسْمَتَهُ دُونَ النَّخِيلِ إنْ شَرَطَا التَّرْكَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْجِذَاذِ فِي الْحَالِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ مُدْرَكًا وَشَرَطَا التَّرْكَ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ كُرُّ حِنْطَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ثَلَاثُونَ رَدِيئَةٌ وَعَشَرَةٌ جَيِّدَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الْعَشَرَةِ مِثْلُ قِيمَةِ الثَّلَاثِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِنْ كَانَتْ قَوْصَرَّةُ تَمْرٍ بَيْنَهُمَا أَوْ دُنُّ خَلٍّ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ قَسَمْتُهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالْقِسْمَةُ فِيهِ تَمْيِيزٌ مَحْضٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِهِ فَكَذَلِكَ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَالْخَشَبُ وَالْبَابُ وَالرَّحَى وَالدَّابَّةُ وَاللُّؤْلُؤَةُ لَمْ تُقَسَّمْ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَفِي التَّجْرِيدِ وَكَذَا فِي الْقَصَبِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى شَقِّهِ وَكَسْرِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَكَذَا فِي الْخَشَبَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَ فِي قَطْعِهَا ضَرَرٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تُقَسَّمُ الْجَوَاهِرُ لِأَنَّ جَهَالَتَهَا مُتَفَاحِشَةٌ أَلَا يُرَى أَنَّهَا لَا يَصْلُحُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مِنْهَا عِوَضًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: وَلَا تُقَسَّمُ الْقَوْسُ وَالسَّرْجُ وَلَا الْمُصْحَفُ كَذَا فِي التتارخانية.
فَإِنْ أَوْصَى بِصُوفٍ عَلَى ظَهْرِ غَنَمِهِ لِرَجُلَيْنِ فَأَرَادَا قِسْمَتَهُ قَبْلَ الْجِذَاذِ لَمْ أُقَسِّمْهُ، وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالُ الرِّبَا فَإِنَّهُ مَوْزُونٌ أَوْ مَكِيلٌ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إلَّا بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَلِكَ بَعْدَ الْحَلْبِ وَالْجِذَاذِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ: فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَسَمَا ذَلِكَ بَيْنَهُمَا بِالتَّرَاضِي لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ " مَا لَا يُقَسَّمُ ".
وَإِنْ كَانَ ثَوْبٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهُ وَشَقَّاهُ