سَبِيلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَلَّكُهَا الْآنَ فَلَا يَصِيرُ بِهَا جَارًا لِلدَّارِ الْأُخْرَى مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا وَالدَّارُ الثَّانِيَةُ سَالِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ مِنْ يَدِهِ لَا يَنْفِي مِلْكَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا كَانَتْ عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ بِهِ انْعِدَامُ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حِينَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَلَالَةُ الرِّضَا وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا دَلَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْعَقَارَ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِمْ بِالْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ قَضَائِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْمُشْتَرَى أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا فَسَدَ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَحَقُّ الشَّفِيعِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا اشْتَرَى مِنْ نَصْرَانِيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْخَمْرَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ فَسَدَ الْبَيْعُ، الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا حَتَّى صَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَبِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الدَّارَ الثَّانِيَةَ حَتَّى اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ مِنْهُ مَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهَا، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مَاضٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فِي مِلْكِهِ بَعْدُ فَيَكُونُ جَارًا بِمِلْكِهِ لِلدَّارِ الْأُخْرَى، ثُمَّ إنْ سَلَّمَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِوَارَهُ حَادِثٌ بَعْدَ بَيْعِ تِلْكَ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِيهَا وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ فَإِنْ بَنَى فِيهَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا وَتَجِبُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَإِنْ اتَّخَذَهَا الْمُشْتَرِي مَسْجِدًا فَعَلَى هَذَا، الْخِلَافُ، وَقِيلَ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَسْلَمَ دَارًا فِي مِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً وَسَلَّمَهَا فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ وَالشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَوْ تَنَاقَضَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَسْخٍ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بَلْ بَيْعٌ جَدِيدٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَصِيَّةِ، ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَادَّعَى الْوَرَثَةُ شُفْعَتَهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَشُفْعَتُهَا لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَفَوْقَهُ عُلْوٌ لِغَيْرِهِ بَاعَ صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ فَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ الشُّفْعَةُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السُّفْلِ كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْلَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى انْهَدَمَ الْعُلْوُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ، وَلَوْ بِيعَ السُّفْلُ، وَالْعُلْوُ مُنْهَدِمٌ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ قَرَارِ الْبِنَاءِ لَا بِسَبَبِ نَفْسِ الْبِنَاءِ وَحَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ بَاقٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِقِيَامِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَهُوَ الْأَرْضُ وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ لِزَوَالِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشُّفْعَةُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَائِمٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَبْنِي الْعُلْوَ إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَبْنِيَ عَلَيْهِ الْعُلْوَ وَيَمْنَعُ صَاحِبَ السُّفْلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَأَحَدُهُمَا شَفِيعُهَا