فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ.
وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَإِنْ أَجَازَ الشَّفِيعُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ فَسَخَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَالْحِيلَةُ لِلشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْسَخَ وَلَا يُجِيزَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يَجُوزَ هُوَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ. (وَمِنْهَا زَوَالُ حَقِّ الْبَائِعِ) فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الشِّرَاءِ فَاسِدًا، وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَخَذَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَخَذَ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْضُوبِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُخَرَّجُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا فَبَنَى عَلَيْهَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَثْبُتُ (وَمِنْهَا) مِلْكُ الشَّفِيعِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَأْخُذُ بِهَا الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِدَارٍ يَسْكُنُهَا بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَلَا بِدَارٍ بَاعَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَا بِدَارِ جَعَلَهَا مَسْجِدًا (وَمِنْهَا) ظُهُورُ مِلْكِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَصْدِيقُهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ لِظُهُورِ الْحَقِّ لَا شَرْطٌ لِثُبُوتِهِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا مَمْلُوكَةً لِلشَّفِيعِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا تَكُونَ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) عَدَمُ الرِّضَا مِنْ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ وَكَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ دَارًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ أُخْرَى لَهُ لَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ وَإِسْلَامُ الشَّفِيعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَتَثْبُتُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ وَالنِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ إلَّا أَنَّ الْخَصْمَ فِيمَا يَجِبُ لِلصَّبِيِّ أَوْ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْقَاضِي وَوَصِيِّ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(وَأَمَّا) (صِفَتُهَا) فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأً فَكُلُّ مَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ نَحْوِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ وَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ إلَّا بِالشَّرْطِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
(وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَجَوَازُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَتَأَكُّدِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْقَضَاءِ بِهَا وَبِالرِّضَا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا الشُّفْعَةُ لَا تَجِبُ فِي الْمَنْقُولَاتِ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَإِنَّمَا تَجِبُ مَقْصُودًا فِي الْعَقَارَاتِ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَرَاضِيِ وَتَجِبُ فِي الْأَرَاضِيِ الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيِ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَارٌ كَالْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسُوهَا بِتُرَابٍ نَقَلُوهُ مِنْ مَوَاضِعَ يَمْلِكُونَهَا فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعٌ الْكِرْدَارِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَكَذَا الْأَرَاضِي الميانديهية إذَا كَانَتْ الْأَكَرَةُ يَزْرَعُونَهَا فَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ الْوَقْفِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَاقِفِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُتَوَلِّي وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ لَا يَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ هُوَ عِمَارَتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْعَقَارِ كَالْأَوْقَافِ لَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ أُخْرَى فَلَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَلَا تَجِب الشُّفْعَةُ فِي دَارٍ جُعِلْت مَهْرَ امْرَأَةٍ أَوْ أُجْرَةً أَوْ عِوَضَ عِتْقٍ هَكَذَا