لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَدٍّ بِالدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ وَالثَّانِي مُتَعَدٍّ بِالسَّوْقِ بِدُونِ الْآخَرِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَسُئِلَ عَمَّنْ غَصَبَ عُلْوًا وَسُفْلًا مِنْ آخَرَ وَخَرِبَ الْعُلْوُ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ؟ أَجَابَ: إنَّ الْمَالِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ النَّقْضَ عَلَى الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأُسْرُوشَنِيّ.
رَجُلٌ غَصَبَ عُجُولًا وَاسْتَهْلَكَهُ فَيَبِسَ لَبَنُ أُمِّهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعُجُولِ وَنُقْصَانَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْوَلَدِ أَوْجَبَ نُقْصَانَ الْأُمِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
غَصَبَ عَبْدًا فَشَدَّهُ بِحَبْلٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
رَجُلٌ بَاعَ أَثْوَابًا وَمَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدُّيُونِ وَلَمْ يَدْعُ وَارِثًا ظَاهِرًا فَأَخَذَ السُّلْطَانُ دُيُونَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ كَانَ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَدَاءُ الدُّيُونِ إلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ الْوَارِثُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ حَقُّ الْأَخْذِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي تَجْنِيسِ الْمُنْتَخَبِ وَلَوْ انْهَدَمَ جِدَارُ الْمَيِّتِ فَظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ فَأَخَذَهُ الْقَاضِي فَعَلِمَ بِذَلِكَ الظَّلَمَةُ فَدَفَعَ الْقَاضِي إلَيْهِمْ ضَمِنَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْغُلَامِ فَرَأَى الْغُلَامُ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ وَارْتَقَى بِسَطْحِ بَيْتٍ فَوَقَعَ وَمَاتَ ضَمِنَ الَّذِي بَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَسُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ أَوْ جَارِيَةَ الْغَيْرِ فَأَبَقَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ (قَالَ) فَهُوَ ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَبِق مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَمَنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا أَوْ حِمَارًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ يَصِيرُ غَاصِبًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ.
فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَفِي الدَّابَّةِ يَصِيرُ غَاصِبًا فِي الرِّوَايَتَيْنِ رُكُوبًا وَحَمْلًا. (وَرَدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَتْوَى) وَصُورَتُهَا رَجُلٌ كَانَ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فَجَاءَ غُلَامُ رَجُلٍ وَقَالَ أَعْطِنِي الْقَدُومَ وَالْحَطَبَ حَتَّى أَكْسِرَ أَنَا فَأَبَى صَاحِبُ الْحَطَبِ ذَلِكَ فَأَخَذَ الْغُلَامُ الْقَدُومَ مِنْهُ وَأَخَذَ الْحَطَبَ وَكَسَرَ بَعْضَهُ وَقَالَ ائْتِ بِآخَرَ حَتَّى أَكْسِرَ فَأَتَى صَاحِبُ الْحَطَبِ بِحَطَبٍ آخَرَ فَكَسَرَهُ الْغُلَامُ فَأَصَابَ بَعْضُ مَا يَكْسِرُ مِنْ الْحَطَبِ عَيْنَ الْغُلَامِ وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ فَأَفْتَى مَشَايِخُ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ شَيْءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
جَمَاعَةٌ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِرْآةً وَنَظَرَ فِيهَا وَدَفَعَ إلَى آخَرَ فَنَظَرَ فِيهَا، ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا يَجْرِي الشُّحُّ بِاسْتِعْمَالِهِ يَكُونُ غَصْبًا، رَفَعَ قَدُومَ النَّجَّارِ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَاسْتَعْمَلَهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
بَعَثَ جَارِيَةً إلَى نَخَّاسٍ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَبَعَثَتْهَا امْرَأَةُ النَّخَّاسِ فِي حَاجَةٍ لَهَا فَهَرَبَتْ فَلِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَرْأَةَ دُونَ النَّخَّاسِ؛ لِأَنَّ النَّخَّاسَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ دَلَّالُ الثِّيَابِ كَذَا فِي الْكُبْرَى.
فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ جَارِيَةٌ جَاءَتْ إلَى النَّخَّاسِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَطَلَبَتْ الْبَيْعَ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ وَقَالَ النَّخَّاسُ: رَدَدْتهَا عَلَى الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّخَّاسِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّخَّاسَ لَمْ يَأْخُذْ الْجَارِيَةَ وَمَعْنَى الرَّدِّ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالذَّهَابِ إلَى مَنْزِلِ الْمَوْلَى وَكَانَ النَّخَّاسُ مُنْكِرًا لِلْغَصْبِ أَمَّا إذَا أَخَذَ النَّخَّاسُ الْجَارِيَةَ مِنْ الطَّرِيقِ أَوْ ذَهَبَ بِهَا مِنْ مَنْزِلِ مَوْلَاهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ لَا بِإِذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُحَرِّكَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا لِيَتَحَقَّقَ الْغَصْبُ بِالنَّقْلِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةِ رَجُلٍ وَلَمْ يُحَرِّكْهَا وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَعَقَرَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَ دُونَ الَّذِي رَكِبَ إذَا لَمْ تَهْلِكْ مِنْ رُكُوبِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ الدَّابَّةَ جَحَدَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ تُعْقَرَ وَلَمْ يُحَرِّكْهَا فَجَاءَ آخَرُ وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَكَذَا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ إنْسَانٍ وَأَخَذَ مَتَاعًا وَجَحَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهُ وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ فَضَاعَ فِيهِ