وَلَا بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً مَحْمُومَةً أَوْ حَامِلًا أَوْ مَرِيضَةً أَوْ مَجْرُوحَةً فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَبِهَا ذَلِكَ الْعَيْبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ حُمَّتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ إلَّا مَا نَقَصَتْهَا الْحُمَّى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى ظُهُورِ عَبْدِهِ فَيَأْخُذُهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْتَظِرْ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ فَلَوْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَخَذَ صَاحِبَهُ الْقِيمَةَ الَّتِي سَمَّاهَا وَرَضِيَ بِهَا إمَّا بِتَصَادُقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِمَّا بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَنَا وَلَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ وَيَمِينِهِ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ مِنْ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَ الْقِيمَةَ وَرَضِيَ بِهَا وَسَلَّمَ الْعَبْدَ إلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا وَيَسْتَرِدُّ الْعَبْدَ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَبْدَ حَتَّى يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْغَاصِبِ قَبْلَ رَدِّ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ فَضْلَ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فَضْلٌ عَلَى مَا أَخَذَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَى الْقِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ مَا قَالَ الْغَاصِبُ فَلَا خِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَتِيلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ جَنَى جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ مَالًا وَخُوطِبَ الْمَوْلَى بِالْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا أَدَّى عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ غَصَبَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ قَاتِلٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَهُ الْإِبَاقُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِالْجُعْلِ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي غَاصِبِ الْغَاصِبِ وَمُودِعِ الْغَاصِبِ) وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْآخَرِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْبِضْ الضَّمَانَ مِنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا إمَّا الْغَاصِبَ أَوْ غَاصِبَ الْغَاصِبِ أَوْ مُودِعُهُ بَرِئَ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْرَأُ وَلَوْ رَدَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَأَدَّى الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ يَبْرَأُ أَيْضًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمَالِكِ بَعْدَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِي لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْعَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ قَبْضُ الْأَوَّلِ مَعْرُوفًا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ لَا يَكُونُ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَبَيْنَ تَضْمِينِ مُودِعِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي حَقِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَعَارَهُ الْغَاصِبُ خُيِّرَ الْمَالِكُ فَأَيُّهُمَا