وَقَدْ بَاعَهَا الْغَاصِبُ مِنْ رَجُلٍ فَسَلَّمَ رَبُّ الْجَارِيَةِ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ هَلَكَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْجَارِيَةِ وَكُلُّ مَا حَدَثَ لِلْجَارِيَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ وَلَدٍ أَوْ كَسْبٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَمَا شَابَهَهَا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمَ الْبَيْعَ وَأَخَذَهَا أَخَذَ جَمِيعَ ذَلِكَ مَعَهَا وَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ عِنْدَنَا فَإِنْ أَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيْعَ بَعْدَمَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ جَازَ الْبَيْعُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا يَرْوِيهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَاصَمَا رَجُلًا فِي جَارِيَةٍ فَأَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَوَقَّتَ كَذَلِكَ وَقْتًا بَعْدَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ قَالَ هِيَ لِلثَّانِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا لِلْأَوَّلِ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَارِيَةُ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِلثَّانِي شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
ادَّعَى عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً مَمْلُوكَةً لَهُ فَقَالَ عَمْرُو: الْجَارِيَةُ الَّتِي ادَّعَاهَا أَنَا اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ عَمْرٍو، وَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ غَصَبَهَا صَاحِبُ الْيَدِ مِنْهُ وَلَمْ تَشْهَدْ شُهُودُ الْمُدَّعِي بِالْغَصْبِ وَإِنَّمَا شَهِدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ فَأَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْجَارِيَةِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ هَلْ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا بِعْت وَلَا أَذِنْت لَهُ فِيهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَدَّعِي صَاحِبُ الْيَدِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ لِيَكُونَ أَحْكُمَ لِلْقَضَاءِ وَأَبْرَمَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ مَعَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّك مَا اسْتَوْفَيْت الدَّيْنَ وَلَا أَبْرَأْته وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْخَصْمُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْهَدُ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَضَمِنَ عَنْهُ رَجُلٌ قِيمَتُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيمَةِ فَقَالَ الْكَفِيلُ عَشْرَةٌ وَقَالَ الْغَاصِبُ عِشْرُونَ وَقَالَ الْمَالِكُ ثَلَاثُونَ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ وَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ يَدَّعِي عَلَى الْكَفِيلِ زِيَادَةً وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْغَاصِبُ يُقِرُّ بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ، وَإِقْرَارُ كُلِّ مُقِرٍّ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ أُخْرَى دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْغَصْبِ أَوْ فِي صِفَتِهِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِمَا ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ رَدَدْت ذَلِكَ عَلَيْك أَوْ رَدَدْت مَا لَزِمَنِي مِنْ الضَّمَانِ وَقَبَضْته مِنِّي لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا صَحِيحًا أَوْ عَبْدًا صَحِيحًا وَأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ جَنَى عَلَيْهِ وَأَحْدَثَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ الْعَبْدُ وَالثَّوْبُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
بَرْهَنَ الْمَالِكُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ كَذَا وَالْغَاصِبُ عَلَى أَنَّهَا كَذَا فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يُبَرْهِنَ لَهُ ذَلِكَ وَبَرْهَنَ الْمَالِكُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ قِيمَةَ الْغَصْبِ كَذَا وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِهِ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ رَدَدْت الْمَغْصُوبَ عَلَيْك وَقَالَ الْمَالِكُ لَا بَلْ هَلَكَ عِنْدَك فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ كَمَا لَوْ قَالَ أَخَذْت مَالَك بِإِذْنِك وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْمَالِ وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ إلَى الْمَالِكِ وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ ضَمِنَهَا الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ، ثُمَّ رَكِبَهَا بَعْدَ الرَّدِّ وَنَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا وَنَفَقَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَفَقَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا وَأَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغَاصِبَ هَدَمَ الدَّارَ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا، ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَالْغَاصِبُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الثَّوْبِ لِمَا فِيهَا مِنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ