النَّوْمِ الثَّانِي لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ يَجِبُ الرَّدُّ إلَى النَّائِمِ وَقَدْ وُجِدَ، وَفِي الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْيَقْظَانِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي إعَادَةِ الْخَاتَمِ إلَى أُصْبُعِ النَّائِمِ وَالْخُفِّ إلَى رِجْلِهِ وَالْقَلَنْسُوَةِ إلَى رَأْسِهِ الْإِمَامُ الثَّانِي يَعْتَبِرُ اتِّحَادَ النَّوْمِ فِي إزَالَةِ الضَّمَانِ كَمَا ذَكَرَ هُنَا وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ حَتَّى إذَا أَعَادَهُ فِي الْمَجْلِسِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ فِي نَوْمَةٍ أُخْرَى فَإِذَا لَمْ يُحَوِّلْهُ عَنْ مَكَانِهِ وَأَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ أَيَّ أُصْبُعٍ كَانَ أَوْ رِجْلِهِ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ وَإِنْ حَوَّلَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ حَالَ الْيَقَظَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

إذَا لَبِسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يُلْبَسُ الثَّوْبَ عَادَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَخَذَ ثَوْبَ رَجُلٍ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ دَابَّةَ غَيْرِهِ مِنْ مَعْلَفِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا فَذَهَبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ غَصْبًا، ثُمَّ رَدَّهَا فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا وَلَا خَادِمَهُ فَرَبَطَهَا فِي دَارِ صَاحِبِهَا عَلَى مَعْلَفِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ نَصَّ عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ فِي كِيسِهِ أَلْفٌ أَخَذَ رَجُلٌ نِصْفَهَا، ثُمَّ رَدَّ النِّصْفَ إلَى الْكِيسِ بَعْدَ أَيَّامٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ الْمَرْدُودَ لَا غَيْرَ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهَا إلَى الْكِيسِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي بَابِ وُجُوبِ الضَّمَانِ.

وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ وَوَضَعَهُ فِي حِجْرِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَحَمَلَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ أَتْلَفَهُ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ بِلَا قَضَاءٍ فَلَمْ يَقْبَلْ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ فِي حِجْرِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ

وَلَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى أَحَدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِينَ إذَا كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَتَجَدَّدُ الْغَصْبُ بِالْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَإِنْ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ، ثُمَّ حَمَلَهُ ثَانِيًا إلَى مَنْزِلِهِ وَضَاعَ ضَمِنَهُ أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَقَالَ لِلْمَالِكِ خُذْهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو عِصْمَةَ عَنْ رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا فِي كِيسِهِ مِثْلَ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُهُ وَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِهِ فَقَالَ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكِيسِ أَنْفَقَ جَمِيعَ مَا فِي كِيسِهِ أَوْ حَمَلَ الْكِيسَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ وَعَنْ نُصَيْرٍ إذَا رَأَى دَابَّةً وَاقِفَةً فِي الطَّرِيقِ فَنَحَّاهَا ضَمِنَ وَعَنْ ابْنِ سَلَمَةَ إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ أَوْدَعَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْكُرَّ الْآخَرَ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِالْكُرِّ الْمَغْصُوبِ ثُمَّ ضَاعَ ذَلِكَ كُلُّهُ ضَمِنَ الْكُرَّ الْمَغْصُوبَ وَلَا يَضْمَنُ كُرَّ الْوَدِيعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

غَصَبَ مِنْ آخَرَ سَفِينَةً فَلَمَّا رَكِبَهَا وَبَلَغَ وَسَطَ الْبَحْرِ فَلَحِقَهُ صَاحِبُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَى الشَّطِّ مُرَاعَاةً لِلْجَانِبَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ دَابَّةً وَلَحِقَهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعِ الْمَهْلَكَةِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا إيَّاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

كُفِّنَ فِي ثَوْبِ غَصْبٍ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ لَمْ تَمْضِ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْكَفَنِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَكِنْ أَعْطَى رَجُلٌ قِيمَتَهُ فَعَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ وَلَا يَنْبُشُ الْقَبْرَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ الْقِيمَةُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِآخِرَتِهِ وَإِنْ شَاءَ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَإِنْ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ وَانْتَقَصَ الْكَفَنُ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِينَ كَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015