وَفِي الْقُدُورِيِّ صَبَّ مَاءً فِي طَعَامٍ فَأَفْسَدَهُ وَزَادَ فِي كَيْلِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ فِيهِ الْمَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ طَعَامًا مِثْلَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَّ مَاءً فِي دُهْنٍ أَوْ زَيْتٍ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ الْمُبْتَلَّ وَالدُّهْنَ الَّذِي صُبَّ الْمَاءُ فِيهِ لَا مِثْلَ لَهُ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْرَمَ مِثْلَ كَيْلِهِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ غَصْبٌ مُتَقَدِّمٌ حَتَّى لَوْ غَصَبَ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ جِيَادًا بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ فِي الْجِيَادِ زُيُوفًا وَفِي الزُّيُوفِ جِيَادًا؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً وَقِسْمَةً، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجِيَادِ زُيُوفٌ وَلَا فِي الزُّيُوفِ جِيَادٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجِيَادِ وَالزُّيُوفِ فَلَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ اسْتِهْلَاكًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَقَعَ بَعْضُهَا فِي دَرَاهِمِ غَيْرِهِ فَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا دَخَلَتْ أُتْرُجَّةُ رَجُلٍ فِي قَارُورَةِ آخَرَ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً فَيُؤْمَرُ صَاحِبُهُ بِأَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْآخَرِ وَلَوْ أَدْخَلَ رَجُلٌ أُتْرُجَّةَ رَجُلٍ قَارُورَةً الْآخَرِ يَضْمَنُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَلَا خِيَارَ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا وَتَكُونُ الْأُتْرُجَّةُ وَالْقَارُورَةُ لَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْبَعِيرُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ كَانَ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤَةِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ الْبَعِيرِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ اللُّؤْلُؤَةِ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْبَعِيرِ.
رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةَ رَجُلٍ وَمَاتَ فَإِنْ تَرَكَ مَالًا أُعْطِيَ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَ دُرَّةَ غَيْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ.
شَجَرَةُ الْقَرْعِ إذَا نَبَتَتْ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَصَارَتْ فِي حُبِّ رَجُلٍ آخَرَ وَعَظُمَ الْقَرْعُ فَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ الْحُبِّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّؤْلُؤَةِ إذَا ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةٌ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إنْ شِئْت أَعْطَيْت الْآخَرَ قِيمَةَ مَالِهِ فَيَصِيرُ لَك وَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْحُبُّ عَلَيْهِمَا وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حُبٌّ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ شَيْءٍ مِنْ الْحَائِطِ يُنْظَرُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قِيمَةً مَا يَنْهَدِمُ مِنْ الْحَائِطِ بِإِخْرَاجِ الْحُبِّ وَالْحُبُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَعَ دِرْهَمٌ أَوْ لُؤْلُؤَةٌ فِي مِحْبَرَةٍ وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِكَسْرِهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ صَاحِبِ الْمِحْبَرَةِ وَكَانَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْمِحْبَرَةِ كُسِرَتْ وَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَإِنْ وَقَعَ بِفِعْلِ صَاحِبِ الشَّيْءِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كُسِرَتْ أَيْضًا وَعَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ قِيمَةُ الْمِحْبَرَةِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى تَنْكَسِرَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ أَدْخَلَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِالْكَسْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ، وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّك الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْسِمَانِ الثَّمَنَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لُؤْلُؤَةٌ وَقَعَتْ فِي دَقِيقِ رَجُلٍ إنْ كَانَ فِي قَلْبِ الدَّقِيقِ ضَرَرٌ لَا أَقْلِبُهُ وَأَنْتَظِرُ حَتَّى يُبَاعَ الدَّقِيقُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ ضَرَرٌ أَمَرْتُهُ بِقَلْبِهِ قَالَ بِشْرٌ يُقَلِّبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ اللُّؤْلُؤَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا فَصِيلًا وَأَدْخَلَهُ الْمُودَعُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى عَظُمَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِقَلْعِ بَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْفَصِيلِ يَوْمَ صَارَ الْفَصِيلُ فِي حَدٍّ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ وَيَتَمَلَّكَ الْفَصِيلَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَ بَابَهُ وَرَدَّ الْفَصِيلَ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ الْبَيْتِ بِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْفَصِيلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَصِيلِ أَكْثَرُ وَأَبَى الْمُودَعُ قَلْعَ الْبَابِ لِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ يَجِبُ أَنْ يُؤْمَرَ صَاحِبُ الْفَصِيلِ بِدَفْعِ قِيمَةِ مَا يَنْهَدِمُ إلَى الْمُودَع وَإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ وَفِي كِتَابِ الْحِيطَانِ هَذَا إذَا أَدْخَلَ الْمُودَع الْفَصِيلَ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ اسْتَعَارَ الْمُودَعُ بَيْتًا وَأَدْخَلَ الْفَصِيلَ فِيهِ وَعَظُمَ الْفَصِيلُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يُقَالُ لِرَبِّ الْفَصِيلِ: إنْ أَمْكَنَكَ إخْرَاجُ الْفَصِيلِ فَأَخْرِجْهُ وَإِلَّا فَانْحَرْهُ وَاجْعَلْهُ قِطَعًا قِطَعًا وَإِنْ كَانَ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا فَإِنْ كَانَ ضَرَرُ هَدْمِ الْبَابِ فَاحِشًا فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الْبَابَ وَيَغْرَمَ مِقْدَارَ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْبَابِ وَهَذَا نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَثْلَجَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَثْلَجَةِ صَاحِبِهِ ثَلْجًا وَجَعَلَهُ فِي مَثْلَجَةِ نَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ اتَّخَذَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ