وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ بِعَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِ الْبَائِعَ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنْ حَدَثَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبٌ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ وَطِئَهَا، وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَائِعُ فَهَذَا، وَمَا وَصَفْنَا مِنْ الدَّرَاهِمِ سَوَاءٌ، وَلَوْ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مَا شَرَطَهُ ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ قَتَلَهَا كَانَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى ثَمَنِهَا، وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا أَوْ فَقَأَهَا الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ وَنِصْفَ قِيمَتِهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ قَتَلَهَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا فِي الْقَتْلِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي حَالًّا وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَأَمَّا فِي فَقْءِ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ الْجَارِيَةَ، وَيَتْبَعُ بِأَرْشِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْجَانِيَ أَيَّهُمَا شَاءَ حَالًّا فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْجَانِي، وَلَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسُمِائَةٍ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ غَرِيمِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ لَهُ خَمْسُمِائَةٍ دَيْنُهُ، وَيُؤَدِّي خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى إلَى الْمَوْلَى فَلَمْ يَحْكُمْ بِسُقُوطِ دَيْنِ الْغَرِيمِ هُنَا حَتَّى قَالَ: خَمْسُمِائَةٍ دَيْنُهُ مَعَ أَنَّهُ مِلْكُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ أَوْ الْحُرُّ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَقَابَضَا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي وَطِئَ الْجَارِيَةَ، وَفَقَأَ عَيْنَهَا فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَارِيَتَهُ، وَيُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي بِالْوَطْءِ عُقْرَهَا، وَفِي الْفَقْءِ نِصْفُ قِيمَتِهَا، وَإِنْ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ تَمَّ الْبَيْعُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْعُقْرِ وَالْأَرْشِ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَخَذَ جَارِيَتَهُ وَنِصْفَ قِيمَتِهَا فِي فَقْءِ الْعَيْنِ إنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْفَاقِئِ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ الْفَاقِئِ، وَفِي الْوَطْءِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يُنْقِصُهَا الْوَطْءُ أَخَذَهَا الْبَائِعُ، وَأَتْبَعَ الْوَاطِئَ بِعُقْرِهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ تَمَّ الْبَيْعُ وَأَتْبَعَ الْمُشْتَرِي الْفَاقِئَ أَوْ الْوَاطِئَ بِالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي وَطِئَهَا، وَفَقَأَ عَيْنَهَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَرُدَّ الثَّمَنَ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَالْعُقْرُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مِنْ الْجَامِعِ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْجَانِي فِي التِّجَارَةِ، وَلَحِقَهُ دَيْنٌ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْعَبْدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْجَارِيَةِ، وَلَا يَدْرِي مَا حَالُهَا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا ابْنَتُهُ، وَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَالْعَبْدُ فَالْجَارِيَةُ بِنْتُ الرَّجُلِ تُرَدُّ إلَيْهِ، وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِذَلِكَ انْتَقَضَتْ الْبُيُوعُ كُلُّهَا، وَتَرَاجَعُوا بِالثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ بِمَحْضَرٍ مِنْهَا، وَقَبَضَهَا، وَهِيَ سَاكِتَةٌ لَا تُنْكِرُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ، وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ الْمَأْذُونُ وَالْجَارِيَةُ وَالْمُشْتَرِي، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْبَائِعُ مِنْ الْعَبْدِ فَالْجَارِيَةُ حُرَّةٌ بِنْتُ الَّذِي ادَّعَاهَا بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْآخَرُ أَنَّ الَّذِي بَاعَهَا مِنْ الْعَبْدِ كَانَ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ وَلَدَتْ لَهُ، وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ فَإِقْرَارُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَبْدِ بِذَلِكَ صَحِيحٌ، وَتَصْدِيقُ الْعَبْدِ إيَّاهُ بِذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ فَهِيَ حُرَّةٌ مَوْقُوفَةُ الْوَلَاءِ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ فِيهَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وِلَادَةٍ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَتَقَتْ، وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ فَيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ مُنْكِرًا جَمِيعَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ ادَّعَى أَنَّ الَّذِي بَاعَهَا مِنْ الْعَبْدِ كَانَ كَاتَبَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا، وَصَدَّقَهُ الْمَأْذُونُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً، وَهِيَ أَمَةٌ لِلْمُشْتَرِي يَبِيعُهَا إنْ شَاءَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.