الصَّدْرِ لَا يَبْطُلُ بِاخْتِيَارِهِ السُّكْنَى وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ.

كُوفِيٌّ حَجَّ وَاِتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَوَافُ الصَّدْرِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوْطَنَهَا صَارَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَلْحَقُ بِالْمَكِّيِّ، وَالْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الصَّدْرِ فَكَذَا هَذَا.

حَائِضٌ طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ يَلْزَمُهَا طَوَافُ الصَّدْرِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ بُيُوتَ مَكَّةَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ وَطَهُرَتْ فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا فَلَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ يَذْهَبْ وَقْتُ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ، وَإِنْ خَرَجَتْ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ فَعَلَيْهَا الطَّوَافُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَمَنْ نَفَرَ وَلَمْ يَطُفْ لِلصَّدْرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنْ رَجَعَ رَجَعَ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ عَادَ بِعُمْرَةٍ ابْتَدَأَ بِطَوَافِهَا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ طَافَ لِلصَّدْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ أَتَى الْمَقَامَ وَصَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَأْتِيَ زَمْزَمَ فَيَسْتَقِيَ بِنَفْسِهِ الْمَاءَ فَيَشْرَبَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَتَضَلَّعُ مِنْهُ وَيَتَنَفَّسُ فِيهِ مَرَّاتٍ وَيَرْفَعُ بَصَرَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيَنْظُرُ إلَى الْبَيْتِ وَيَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَجَسَدَهُ وَيَصُبُّ عَلَيْهِ إنْ تَيَسَّرَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ وَيُقَبِّلَ الْعَتَبَةَ وَيَدْخُلَ الْبَيْتَ حَافِيًا ثُمَّ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ إلَى الْبَابِ فَيَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ عَلَيْهِ وَيَرْفَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَى عَتَبَةِ الْبَابِ وَيَقُولَ السَّائِلُ بِبَابِك يَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك وَمَغْفِرَتَك وَيَرْجُو رَحْمَتَك كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَيَلْتَزِمَهُ سَاعَةً يَبْكِي كَذَا فِي الْكَافِي وَيَتَشَبَّثَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يَنَالُهَا، وَإِلَّا وَضَعَ يَدَيْهِ فَوْقَ رَأْسِهِ مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى الْجِدَارِ قَائِمَتَيْنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُلْصِقَ خَدَّهُ بِالْجِدَارِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُكَبِّرَ وَيُهَلِّلَ وَيَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُوَ بِحَاجَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ وَيُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ فَحَسَنٌ (2) ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ يَنْصَرِفَ وَهُوَ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ مُتَبَاكِيًا مُتَحَسِّرًا عَلَى فِرَاقِ الْبَيْتِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا وَتَكْشِفُ وَجْهَهَا وَلَوْ سَدَلَتْ عَلَى وَجْهِهَا شَيْئًا وَجَافَتْهُ عَنْهُ جَازَ وَلَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بَلْ تُسْمِعُ نَفْسَهَا لَا غَيْرُ؛ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تَرْمُلُ وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ وَلَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَلَكِنْ تُقَصِّرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَتَلْبَسُ مِنْ الْمَخِيطِ مَا بَدَا لَهَا مِنْ الدِّرْعِ وَالْقَمِيصِ وَالْخِمَارِ وَالْخُفِّ وَالْقُفَّازَيْنِ وَلَكِنْ لَا تَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِوَرَسٍ وَلَا زَعْفَرَانَ وَلَا عُصْفُرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ غُسِلَ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ أَنْ تَلْبَسَ الْمَخِيطَ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَلْبَسَ الْحُلِيَّ وَلَا تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ إذَا كَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ إلَّا أَنْ تَجِدَ الْمَوْضِعَ خَالِيًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْحَجَّةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَصْعَدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ إلَّا إذَا وَجَدَتْ خَلْوَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا احْتِيَاطًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَمَنْ أُغْمِيَ فَأَهَلَّ عَنْهُ رُفَقَاؤُهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ نَامَ فَأَحْرَمَ الْمَأْمُورُ عَنْهُ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ أَفَاقَ أَوْ اسْتَيْقَظَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015