مَا دُونَ الدِّرْهَمِ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، وَفِي الْأَصْلِ يَقُولُ: إنْ تَصَدَّقَ، وَكَانَتْ الصَّدَقَةُ شَيْئًا سِوَى الطَّعَامِ، وَقَدْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا دِرْهَمًا فَصَاعِدًا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الضِّيَافَةَ الْيَسِيرَةَ اسْتِحْسَانًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الضِّيَافَةَ الْعَظِيمَةَ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ حَدٍّ فَاصِلٍ بَيْنَ الْعَظِيمَةِ وَالْيَسِيرَةِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: عَلَى مِقْدَارِ مَالِ تِجَارَتِهِ إنْ كَانَ مَالُ تِجَارَتِهِ مَثَلًا عَشْرَةُ آلَافٍ فَاِتَّخَذَ الضِّيَافَةَ بِمِقْدَارِ عَشْرَةٍ كَانَ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَ مَالُ تِجَارَتِهِ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَاتَّخَذَ ضِيَافَةً بِمِقْدَارِ دَانِقٍ فَذَلِكَ يَكُونُ كَثِيرًا عُرْفًا هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي الضِّيَافَةِ.

وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْهَدِيَّةِ فَنَقُولُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالْمَأْكُولَاتِ، وَلَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِمَا سِوَاهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالْمَأْكُولِ بِمِقْدَارِ مَا يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا بَأْسَ بِإِجَابَةِ دَعْوَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَإِعَارَةُ ثَوْبِهِ وَدَابَّتِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَة وَلَا ضَمَان فِيهِ عَلَى الرَّجُلِ إنْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَيُكْرَهُ كِسْوَةُ ثَوْبِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ لَهُ الْمَوْلَى قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ لَهُ قُوتَ شَهْرٍ، وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ كَرَغِيفٍ وَنَحْوِهِ بِدُونِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَفِي عُرْفِنَا الْمَرْأَةُ وَالْأَمَةُ لَا تَكُونُ مَأْذُونَةً بِالتَّصَدُّقِ بِالنَّقْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً، وَدَفَعَهَا ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ حَطَّ عَنْهُ فَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ وَهَبَ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ حَطَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِعَيْبٍ طَعَنَ بِهِ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ حَطَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً، وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْعَبْدِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَلِكَ، وَلَوْ وَهَبَ لِلْمَوْلَى، وَقَبِلَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ هِبَتِهِ لِلْعَبْدِ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَوْلَى فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا الْعَبْدُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ بِحَالِهِ فَإِنْ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْعَبْدِ أَوْ لِمَوْلَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدُ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ ثَمَنٍ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا بِعَيْنِهِ فَوَهَبَ الْمَأْذُونُ الْعَرَضَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي الْهِبَةَ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ الْجَارِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْعَبْدُ فَقَبِلَهَا الْعَبْدُ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْعَقْدِ، وَإِنْ وَهَبَهَا لِلْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَهَذَا نَقْضٌ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَقَبِلَهَا الْمَوْلَى وَقَبَضَهَا فَهَذَا لَيْسَ بِنَقْضٍ لِلْبَيْعِ، وَلَوْ تَقَابَضَا ثُمَّ وَهَبَ الْعَبْدُ الْعَرَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَبِلَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ أَيْ بَعْدَ التَّقَابُضِ لِلْمَأْذُونِ أَوْ لِمَوْلَاهُ جَازَتْ الْهِبَةُ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ الْمُبْتَدَإِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَأْذُونُ بِالْعَرَضِ عَيْبًا، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَقَدْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ لِلْعَبْدِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَهَبَهَا لِمَوْلَاهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَرَضَ بِالْعَيْبِ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً مِمَّا فِي يَدِهِ بِغُلَامٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ حَدَثَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبٌ عِنْدَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدًا أَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَهِيَ ثَيِّبٌ أَوْ بِكْرٌ أَوْ وَطِئَهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ إنَّ مُشْتَرِيَ الْجَارِيَةِ وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَأْذُونِ أَوْ مِنْ مَوْلَاهُ، وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمَأْذُونَ وَجَدَ بِالْغُلَامِ عَيْبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ بِغُلَامٍ مِمَّا فِي يَدِهِ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ الْأَلْفَ الَّتِي قَبَضَ وَالْغُلَامَ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ، وَقَبَضَهُمَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ أَرَادَ رَدَّ الْجَارِيَةِ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَلِكَ، لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِلْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالْهِبَةُ لِلْمَوْلَى كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ بِالْعَيْبِ، وَيَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةَ الْغُلَامِ فَإِنْ كَانَ أَخَذَ ذَلِكَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبُوهُ لَهُ أَوْ لِلْمَوْلَى أَوْ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015