(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ) لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ إجْمَاعًا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَعَلَى هَذَا الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنْ حَابَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ فَمِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِمَا فِي يَدِهِ يُقَالُ: لِلْمُشْتَرِي أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَارْدُدْ الْبَيْعَ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَهُ أَنْ يُسْلِمَ، وَيَقْبَلَ السَّلَمَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالْخُصُومَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ جَائِزٌ مِثْلَ الْحُرِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَوْلَاهُ أَوْ بَعْضَ غُرَمَائِهِ أَوْ ابْنَهُ وَابْنَ الْمُدَّعِي أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْمَأْذُونُ إذَا وَكَّلَ الْمَوْلَى بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا وَكَّلَ الْأَجْنَبِيُّ مَوْلَى الْمَأْذُونِ حَتَّى يُخَاصِمَ مَعَ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَالْمَوْلَى يَصْلُحُ وَكِيلًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ عَنْ عَبْدِهِ، وَلَا يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى عَبْدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِقْرَارُ وَكِيلِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي جَائِزٌ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَوْلَاهُ أَوْ غُرَمَاؤُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَقَدَّمَهُ خَصْمُهُ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى إقْرَارَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت بِهِ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَنِي وَقَالَ الْخَصْمُ: أَقَرَّ بِهِ فِي الْوَكَالَةِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَإِنْ صَدَّقَهُ خَصْمُهُ فِي أَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ الْوَكَالَةِ، وَلَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ جَحَدَ الْوَكِيلُ الْإِقْرَارَ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَوْ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ الْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَكَّلَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ حُرًّا بِبَيْعِ مَتَاعِهِ وَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ صَارَ قِصَاصًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا صَارَ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْعَبْدِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْمُغْنِي.
الْمَأْذُونُ إذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ إنْ تَوَكَّلَ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ لَا يَجُوزُ التَّوَكُّلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ تَوَكَّلَ بِالشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ يَجُوزُ التَّوَكُّلُ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا حَصَلَ التَّوْكِيلُ بِالنَّقْدِ أَوْ النَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ ثُمَّ قَتَلَهَا الْآمِرُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ فَإِنْ قَتَلَهَا الْمَأْذُونُ قِيلَ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ بِالْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَأَيُّهُمَا فَعَلَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مَا قَامَ مَقَامَ الْجَارِيَةِ، وَأَدَّى الثَّمَنَ، وَلَوْ كَانَ مَوْلَى الْعَبْدِ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهَا إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَالْقِيمَةُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الثَّمَنَ وَاسْتَوْفَى قِيمَتَهَا مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ بَاعَ جَارِيَةً مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ رَجُلٍ بِجَارِيَةٍ ثُمَّ قَتَلَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي كَسْبِهِ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ فَالْبَيْعُ فِي يَدِهِ مَضْمُونٌ بِمَا يُقَابِلُهُ، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَهَا الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ خَالِصُ مِلْكِ الْمَوْلَى، وَالْعَبْدُ تَابِعٌ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لَقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِغُرَمَائِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ وَكَّلَ عَبْدًا مَأْذُونًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا سَمَّاهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى، وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَاشْتَرَى فَمَا اشْتَرَى يَكُونُ لِلْعَبْدِ لَا لِلْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ جَارِيَةً لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا، وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى قَتَلَهَا مَوْلَى الْعَبْدِ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، وَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا تَوَكَّلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَنْ غَيْرِهِ بِبَيْعِ عَيْنٍ فَبَاعَ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا فَالْخَصْمُ هُوَ الْعَبْدُ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءٍ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِإِقْرَارٍ بِالْعَيْبِ، وَالْعَيْبُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِيعَ الْعَبْدُ الْمَرْدُودُ فِي الثَّمَنِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ، وَقَالَ فِيمَا إذَا رُدَّ عَلَيْهِ