هَذَا إذَا كَانَ عُلُوقُ الْوَلَدِ فِي مِلْكِهِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَادَّعَى نَسَبَهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لَكِنْ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالسِّعَايَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَا يُعْلَمُ لَهَا وَلَدٌ وَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لَمْ يُولَدْ فِي مِلْكِهِ فَقَالَ هَذَا ابْنِي وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَهُوَ ابْنُهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

قَالَ فِي الَّذِي لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ: لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَبَضَ كَانَ شِرَاؤُهُ جَائِزًا، وَيَعْتِقُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَإِذَا عَتَقَ عَلَيْهِ ذُكِرَ أَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ الْقِيمَةَ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ ابْنَهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَبَضَهُ كَانَ شِرَاؤُهُ فَاسِدًا وَيَعْتِقُ الْغُلَامُ حِينَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي مَالِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ وُهِبَ لَهُ ابْنُهُ الْمَعْرُوفُ أَوْ وُهِبَ لَهُ غُلَامٌ فَقَبَضَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَتَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً صَحَّ نِكَاحُهُ وَيُنْظَرُ إلَى مَا تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ وَإِلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّهُمَا وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا مِمَّا سُمِّيَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي مِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَنْصِيفُ الْمَفْرُوضِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ. وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَوْ تَزَوَّجَ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَالْمَرْأَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْمَحْجُورِ، فَإِنْ زَوَّجَتْ الْمَحْجُورَةُ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ يَجُوزُ نِكَاحُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَدْ بَلَغَتْ مَحْجُورَةً عَلَيْهَا لِإِفْسَادِهَا مَالَهَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بِأَكْثَرَ وَلَا وَلِيٌّ لَهَا ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَهُوَ كُفْءٌ لَهَا وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، قَالُوا: وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَاب قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ هَذَا رُجُوعًا مِنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ جَائِزٌ، هَذَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، فَأَمَّا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ مِنْ كُفْءٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ أَكْمَلَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَإِنْ أَبَى فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حُطَّ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يُكَمِّلَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَبَيْنَ أَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِهِمَا حَطَّهُمَا صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ هَذَا قَوْلُهُمَا، وَمَتَى اخْتَارَ الْفَسْخَ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَ كُفْءٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اخْتَلَعَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ جَازَ الْخُلْعُ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ عَلَيْهَا لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الثَّانِي، ثُمَّ الطَّلَاقُ إنْ وَقَعَ بِمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَابِ الطَّلَاقِ كَانَتْ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً يَمْلِكُ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَقَعُ بَائِنًا.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْبَالِغَةِ الْمُصْلِحَةِ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَائِنًا سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ إنْ لَمْ يَجِبْ لِلْحَالِ يَجِبُ فِي الثَّانِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَجِبُ الْمَالُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهِ، الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى - كَالزَّكَاةِ وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ حَقًّا لِلنَّاسِ فَهُوَ وَالْمُصْلِحُ فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ، إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ قَدْرَ الزَّكَاةِ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهَا إلَى مَصْرِفَهَا لَكِنْ يَبْعَثُ أَمِينًا مَعَهُ لِئَلَّا يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي مَالًا يَصِلُ بِهِ قَرَابَتَهُ الَّذِينَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِمْ أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْقَاضِي لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ بَلْ يَدْفَعُهُ بِنَفْسِهِ إلَى ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَرَابَةِ وَعُسْرَةِ الْقَرِيبِ، كَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015