فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ لَا مَعَ الْإِمَامِ وَالْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ الْعَصْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ مَاتَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ جَمَعَ نَائِبُهُ أَوْ صَاحِبُ شُرَطَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَائِبٌ وَلَا صَاحِبُ شُرَطَةٍ صَلَّوْا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْعَصْرِ رَاحَ إلَى الْمَوْقِفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ كَذَا فِي الْكَنْزِ وَيَقِفُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَالْوُقُوفُ شَرْطُهُ شَيْئَانِ) أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ فِي أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِهِ وَلَيْسَ الْقِيَامُ مِنْ شُرُوطِهِ وَلَا مِنْ وَاجِبَاتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ جَالِسًا جَازَ وَكَذَا النِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِهِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَوَاجِبُهُ) الِامْتِدَادُ إلَى الْغُرُوبِ (وَأَمَّا سُنَنُهُ) فَالِاغْتِسَالُ وَالْخُطْبَتَانِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَتَعْجِيلُ الْوُقُوفِ عَقِبَيْهِمَا وَأَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَضِّئًا وَأَنْ يَقِفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ حَاضِرَ الْقَلْبِ فَارِغًا عَنْ الْأُمُورِ الشَّاغِلَةِ عَنْ الدُّعَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَ فِي مَوْقِفِهِ طَرِيقَ الْقَوَافِلِ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا يَنْزَعِجَ بِهِمْ وَأَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ السُّودِ مَوْقِفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ تَعَذَّرَ يَقْرُبُ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَوُقُوفُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاتَيْنِ يُجْزِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَرْفَعُ الْأَيْدِيَ بَسْطًا وَيَسْتَقْبِلُ كَمَا يَسْتَقْبِلُ الدَّاعِي بِيَدِهِ وَوَجْهِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَدْعُو بَعْدَ الْحَمْدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْمَنَاسِكَ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ وَيُلَبِّي فِي مَوْقِفِهِ سَاعَةً فَسَاعَةً كَذَا فِي الْكَافِي وَيُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لِنَفْسِهِ وَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَزَالُونَ فِي التَّلْبِيَةِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْخُشُوعِ وَالتَّذَلُّلِ وَالْإِخْلَاصِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ بِحَوَائِجِهِمْ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَدْعُو بِمَا شَاءَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلِيَكُنْ عَامَّةُ دُعَائِهِ بِعَرَفَاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ وَلَا نَعْرِفُ رَبًّا سِوَاهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي اللَّهُمَّ هَذَا مَقَامُ الْمُسْتَجِيرِ الْعَائِذِ مِنْ النَّارِ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ بِعَفْوِك وَأُدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ إذْ هَدَيْتنِي لِلْإِسْلَامِ فَلَا تَنْزِعْهُ عَنِّي وَلَا تَنْزِعْنِي عَنْهُ حَتَّى تَقْبِضَنِي وَأَنَا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُخْفِيَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
ثُمَّ وَقْتُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ أَوَّلِ النَّحْرِ فَمَنْ حَصَّلَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِيهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا أَوْ جَاهِلٌ أَوْ نَائِمٌ أَوْ يَقْظَانُ مُفِيقًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فَوَقَفَ بِهَا أَوْ مَرَّ مَارٌّ وَلَمْ يَقِفْ صَارَ مُدْرِكًا لِلْحَجِّ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْفَسَادُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِنْ وَقَفَ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا إلَّا إذَا اشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ هِلَالُ ذِي الْحَجَّةِ وَأَكْمَلُوا ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ يَوْمَهُمْ كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَاتَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَسَقَطَ عَنْهُ أَفْعَالُ الْحَجِّ وَيَتَحَوَّلُ إحْرَامُهُ إلَى الْعُمْرَةِ فَيَأْتِي بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَيَحِلُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَاللَّيَالِي كُلُّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَيَّامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ إلَّا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ أَيَّامٍ مَاضِيَةٍ لَا فِي حُكْمِ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لَيْلَةُ عَرَفَةَ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ لِلْحَاجِّ الْوُقُوفُ فِيهَا كَمَا لَا يَجُوزُ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ عَرَفَةَ.