عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا ضَمَانَ فِي الْوَلَدِ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَلَدِ وَعَتَقَ الْبَاقِي مِنْ الْوَلَدِ أَيْضًا، وَلَا ضَمَانَ فِي الْوَلَدِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي عَتَقَ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَجَزَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَتَقَ نَصِيبُ الْمُؤَدِّي مِنْ الْوَلَدِ، وَصَارَ نَصِيبُ الْآخَرِ عَبْدًا تَبَعًا لَهُ.

وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَلْمُؤَدِّي وَضَمِنَ الْمُؤَدِّي نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ لَكِنْ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ الْآخَرُ بَعْدَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا.

وَلَكِنْ أَدَّى وَعَتَقَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى الْمُكَاتَبَيْنِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَ كُلُّ الْوَلَدِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ، وَلَا سِعَايَةٍ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ بِعِتْقِ الْآخَرِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى عَجَزَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْوَلَدَ مُكَاتَبٌ مَعَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ عِنْدَهُمَا وَهُوَ ابْنُهُمَا كَمَا كَانَ، وَيَضْمَنُ الْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ الَّذِي عَجَزَ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْأُمِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ.

وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْجِزْ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نِصْفَ الْوَلَدِ مُكَاتَبًا مَعَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ.

وَنِصْفُهُ يَكُونُ رَقِيقًا لِمَوْلَى الَّذِي عَجَزَ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصِيرُ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْجِزْ، وَذَكَرَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ فِي مَسَائِلِهِ وَالْكَرْخِيُّ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُكَاتَبِ، وَنِصْفُهَا يَكُونُ رَقِيقًا لِمَوْلَى الَّذِي عَجَزَ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ أَحَدٌ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَعْجِزْ وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَ وَفَاءً بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَفَضْلًا فَإِنَّ مَوْلَى الْمَيِّتِ يَسْتَوْفِي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ نِصْفُ الْوَلَدِ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَبْقَى مُكَاتَبًا تَبَعًا لِلْأَبِ الْآخَرِ، فَإِنْ أَدَّى الْآخَرُ عَتَقَ وَعَتَقَ الِابْنُ كُلُّهُ، وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ الْأَوَّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْآخَرُ وَلَكِنْ عَجَزَ فَالِابْنُ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ.

وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَقَدْ صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ حُرًّا كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي أُمِّ وَلَدِ الْحُرِّ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لَا يُتْرَكُ رَقِيقًا فَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ الْحَيِّ، وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهَا.

وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ الْمَيِّتِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ كَامِلًا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْآخَرُ فَحِينَئِذٍ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ، وَلَا يَرِثُ الِابْنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْمَيِّتِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ لَهَا أَحَدُهُمَا فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ ذَلِكَ، فَإِنْ رَضُوا بِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْغُرَمَاءُ حَتَّى أَخَذَ الْمَوْلَى الْكِتَابَةَ عَتَقَ نَصِيبُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كَسْبِهَا وَنِصْفَ حِصَّةِ نَصِيبِ الْآذِنِ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِدُيُونِهِمْ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ.

أَمَةٌ مَأْذُونٌ لَهَا فِي التِّجَارَةِ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا وَكَاتَبَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُمِّ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ جَازَتْ الْكِتَابَةُ، فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوهُ قِيمَتَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمِّ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْعُوا الِابْنَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَاتَبَ الْأُمَّ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَشَبَّ الْوَلَدُ، وَبَاعَ، وَاشْتَرَى، وَلَزِمَهُ دَيْنٌ ثُمَّ جَاءَ الْغُرَمَاءُ الْأَوَّلُونَ فَرَدُّوا الْمُكَاتَبَةَ فَقَدْ بَطَلَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِرَدِّهِمْ لِقِيَامِ حَقِّهِمْ فِي مَالِيَّةِ الْأُمِّ تُبَاعُ الْأُمُّ لِغُرَمَائِهَا، وَيُبَاعُ الْوَلَدُ لِغُرَمَائِهِ خَاصَّةً دُونَ غُرَمَاءِ أُمِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ كَاتَبَ الْأُمَّ، وَلَكِنَّهُ أَذِنَ لِلْوَلَدِ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا كَاتَبَ عَبْدَيْنِ صَغِيرَيْنِ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَهُمَا يَعْقِلَانِ ذَلِكَ فَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرِينَ كَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015