كتاب المكاتب وفيه تسعة أبواب

الباب الأول في تفسير الكتابة وركنها وشرطها وحكمها

[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ وَفِيهِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْمُكَاتَبِ)

(وَفِيهِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهُوَ تَحْرِيرُ الْمَمْلُوكِ يَدًا فِي الْحَالِ وَرَقَبَةً فِي الْمَآلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَهُوَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمَوْلَى وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُكَاتَبِ، أَمَّا الْإِيجَابُ، فَهُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَحْوُ قَوْلِ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا سَوَاءٌ ذَكَرَ فِيهِ حَرْفَ التَّعْلِيقِ أَمْ لَا بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّكَ إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ نُجُومًا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، فَقِيلَ أَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْهَا كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَبِلَ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُ عَلَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ نُجُومًا كُلَّ نَجْمٍ كَذَا، فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ عَجَزْتَ فَأَنْتَ رَقِيقٌ فَقَبِلَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ، وَأَمَّا الْقَبُولُ، فَهُوَ أَنْ يَقُولَ قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَقَدْ تَمَّ الرُّكْنُ، ثُمَّ الْحَاجَةُ إلَى الرُّكْنِ فِيمَنْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَقْدِ فِيهِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا كَالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى وَالْوَالِدِينَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا كُلُّ شَهْرٍ مِائَةٌ، فَأَنْت حُرٌّ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَيْسَتْ بِمُكَاتَبَةٍ اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ بِدُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَأَمَّا) (شَرَائِطُهَا) فَأَنْوَاعٌ: بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ ثُمَّ بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ، أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى، فَمِنْهَا الْعَقْلُ، وَأَنَّهُ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونِ، وَمِنْهَا الْبُلُوغُ وَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى لَا تَنْفُذُ الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ.

وَمِنْهَا الْمِلْكُ وَالْوِلَايَةُ، وَهَذَا شَرْطُ النَّفَاذِ، فَلَا تَنْفُذُ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الْفُضُولِيِّ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ، وَتَنْفُذُ مِنْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ اسْتِحْسَانًا، وَمِنْهَا الرِّضَا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَلَا تَصِحُّ الْمُكَاتَبَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَالْخَطَإِ، وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015