مَا سَمَّى لِلْحَائِكِ بَعْضُهُ بِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَبَعْضُهُ بِإِزَاءِ ثَمَنِ الْغَزْلِ، وَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَ الْغَزْلِ وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الثَّوْبِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يُقْسِمَ الْمُسَمِّي عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَذَلِكَ عَمَلُهُ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ وَعَلَى قِيمَةِ الْغَزْلِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الْحَائِكِ لِأَنَّهُ قَبِلَ الْمُسَمَّى بِالْغَزْلِ وَبِالْعَمَلِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ لِأَنَّ مَنًّا مِنْ الْغَزْلِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَنَصَّفَ مَنٍّ اشْتَرَطَ مِنْهُ فَيَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَهُ وَمَا أَصَابَ الْعَمَلُ وَهُوَ أَجْرُ الثَّوْبِ يَلْزَمُهُ حَتَّى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَثَلًا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِإِزَاءِ الْغَزْلِ وَبِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَقِيمَةُ الْغَزْلِ دِرْهَمٌ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ دِرْهَمَانِ مِنْ الْمُسَمَّى يَطْرَحُ عَنْهُ دِرْهَمَ ثَمَنِ الْغَزْلِ فَيُقَسِّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَفِيمَا لَمْ يَعْمَلْ وَيَطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةَ أَجْرِ مِثْلِ الْعَمَلِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَيْفَ يَتَعَرَّفُ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْأَجْرِ مِمَّا عَمِلَ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَرَّفُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ إنْ كَانَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنًّا مِنْ غَزْلٍ وَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ نِصْفَ مَنٍّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى بَعْدَ ثَمَنِ الْغَزْلِ وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ بِإِزَاءِ مَا عَمَلِ وَثُلُثُهُ بِإِزَاءِ مَا لَمْ يَعْمَلْ فَيَطْرَحُ عَنْهُ الثُّلُثَ وَلَا يَعْتَبِرُ السُّهُولَةَ وَالصُّعُوبَةَ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَتَعَرَّفُ قَدْرَ السَّاقِطِ مِنْ الْقَائِمِ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَسْهُلُ عَلَى الْحَائِكِ بِطُولِ الثَّوْبِ وَيَصْعُبُ بِصِغَرِهِ فَإِنَّهُ مَتَى قَصُرَ يَحْتَاجُ إلَى الْوَصْلِ وَإِلَى عَمَلِ الدَّقِيقِ مِرَارًا وَمَتَى طَالَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا التَّفَاوُتُ مُعْتَبَرٌ فِيمَا بَيْنَ الْعَمَلَةِ مِنْ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَنُقْصَانِهِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمَا وَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا يَجِبُ أَنْ يُقَسِّمَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ فَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَفِي مَنٍّ دِرْهَمَيْنِ يَكُونُ بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَطْرَحُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ نِصْفَ دِرْهَمٍ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ بِذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِهَذَا التَّفَاوُتِ عِبْرَةٌ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ ثُمَّ مَاذَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ تَخْرِيجُهَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْغَزْلِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ هَالِكًا مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ إلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى حَلَفَ وَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا وَقَدْ عَرَفَ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْغَزْلِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنٌّ فَإِنَّهُ يُوزَنُ الثَّوْبُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ وُزِنَ فَإِذَا هُوَ مَنٌّ وَاحِدٌ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ بِيَقِينٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مَنَوَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَائِكِ إنْ لَمْ يَدَّعِ رَبُّ الثَّوْبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْبَصَرِ مِنْ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ فَإِنْ قَالُوا قَدْ يَزِيدُ الدَّقِيقُ مِثْلَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ قَالُوا الدَّقِيقُ لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ صَارَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْحَائِكِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ دَفَعَ سِمْسِمًا وَقَالَ أَقْشِرْهُ وَرُبَّهُ بِبَنَفْسَجٍ وَلَك دِرْهَمٌ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ الْبَنَفْسَجَ مَجْهُولٌ قَدْرُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَيَكُونُ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْبَنَفْسَجِ مَعْلُومًا عِنْدَ التُّجَّارِ جَازَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْعُصْفُرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا دَفَعَ حَدِيدًا إلَى حَدَّادٍ لِيَصْنَعَهُ عَيْنًا سَمَّاهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَجَاءَ بِهِ الْحَدَّادُ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ صَاحِبُ الْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ خَالَفَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ فَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَع مِنْهُ قَدُومًا فَصَنَعَ لَهُ مَرًّا ضَمِنَ لَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَالْإِنَاءُ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ