إسْقَاطِهِ عَنْ ذِمَّتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
اعْلَمْ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهَا، وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَلَا تُدْرَى أَيَّةَ لَيْلَةٍ هِيَ وَقَدْ تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ، وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ لَا تَتَقَدَّمُ، وَلَا تَتَأَخَّرُ هَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ.
حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ عَتَقَ إذَا انْسَلَخَ الشَّهْرُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ عِنْدَهُ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى، وَفِي الشَّهْرِ الْآتِي فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَعِنْدَهُمَا إذَا مَضَى لَيْلَةٌ مِنْهُ عَتَقَ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي مُلْتَقَى الْبِحَارِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَاجِحٌ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالنَّذْرُ الَّذِي يَقَعُ مِنْ أَكْثَرِ الْعَوَامّ بِأَنْ يَأْتِيَ إلَى قَبْرِ بَعْضِ الصُّلَحَاءِ وَيَرْفَعَ سِتْرَهُ قَائِلًا يَا سَيِّدِي فُلَانٌ إنْ قَضَيْت حَاجَتِي فَلَكَ مِنِّي مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا كَذَا بَاطِلٌ إجْمَاعًا نَعَمْ لَوْ قَالَ يَا اللَّهُ إنِّي نَذَرَتْ لَك إنْ شَفَيْتَ مَرِيضِي أَوْ نَحْوَهُ أَنْ أُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ بِبَابِ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ أَشْتَرِيَ حَصِيرًا لِمَسْجِدِهَا أَوْ زَيْتًا لِوَقُودِهَا أَوْ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَقُومُ بِشَعَائِرِهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ نَفْعُ الْفُقَرَاءِ، وَالنَّذْرُ لِلَّهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنَّمَا هُوَ مَحَلٌّ لِصَرْفِ النَّذْرِ لِمُسْتَحِقِّيهِ يَجُوزُ لَكِنْ لَا يَحِلُّ صَرْفُهُ إلَّا إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى ذِي عِلْمٍ لِعِلْمِهِ، وَلَا لِحَاضِرِي الشَّيْخِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ وَاحِدًا مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا وَيُنْقَلُ إلَى ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ تَقَرُّبًا إلَيْهِمْ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِصَرْفِهَا الْفُقَرَاءَ الْأَحْيَاءَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِذَلِكَ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَرِهَ مُجَاهِدٌ أَنْ يُقَالُ جَاءَ رَمَضَانُ وَذَهَبَ وَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى -، وَلَكِنَّهُ يُقَالُ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَقَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَرُدَّ عَلَى مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(كِتَابُ الْمَنَاسِكِ)
(وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا)
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَجِّ، وَفَرْضِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرَائِطِهِ، وَأَرْكَانِهِ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ، وَمَحْظُورَاتِهِ)
(أَمَّا تَفْسِيرُهُ) فَهُوَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فِي وَقْتِهِ مُحْرِمًا بِنِيَّةِ الْحَجِّ سَابِقًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَأَمَّا فَرْضِيَّتُهُ) فَالْحَجُّ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهَا بِدَلَائِلَ مَقْطُوعَةٍ حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهَا، وَأَنْ لَا يَجِبَ فِي الْعُمُرِ إلَّا مَرَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ إلَى الْعَامِ الثَّانِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَإِذَا أَخَّرَهُ، وَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَ أَدَاءً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ السَّلَامَةَ أَمَّا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ الْمَوْتَ أَمَّا بِسَبَبِ الْهَرَمِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَأْثَمِ حَتَّى يَفْسُقَ وَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ حَجَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَحُجَّ أَثِمَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَأَمَّا وَقْتُهُ فَأَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) وَالْأَشْهُرُ الْمَعْلُومَاتُ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِذَا عَمِلَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا عَمِلَ فِيهَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَأَمَّا شَرَائِطُ وُجُوبِهِ) فَمِنْهَا الْإِسْلَامُ حَتَّى لَوْ مَلَكَ مَا بِهِ الِاسْتِطَاعَةُ حَالَ كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَا افْتَقَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِتِلْكَ