قَالَ لِيَخِيطَ قَمِيصًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ فِي الْيَوْمِ جَازَ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
وَفِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ قَفِيزًا فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ هَذَا الْجَوَابُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَفِي الْأَصْلِ أَيْضًا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْخَبَّازِ أَنْ يَخْبِزَ لَهُ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْمَخَاتِيمَ دَقِيقًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ الْيَوْمَ تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ ذَكَرَ الْوَقْتَ وَالْعَمَلَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيُقَطِّعَهُ وَيُخَيِّطَهُ قَمِيصًا عَلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ هَذَا أَوْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ إبِلًا إلَى مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا، إلَى عِشْرِينَ لَيْلَةً كُلَّ بَعِيرٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَإِنْ وَفَّى بِالشَّرْطِ كَانَ لَهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَفِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ أَيَّامًا مُسَمَّاةً وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَلَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ اسْتَأْجَرْتُك هَذَا الْيَوْمَ لِتَخِيطَ هَذَا الْقَمِيصَ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك هَذَا الْيَوْمَ لِتَخْبِزَ هَذَا الْقَفِيزَ الدَّقِيقَ بِدِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ قَدَّمَ الْعَمَلَ أَوْ أَخَّرَ إذَا ذَكَرَ الْأَجْرَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْوَقْتَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَجْرَ ثُمَّ الْعَمَلَ بَعْدَهُ أَوَذَكَرَ الْعَمَلَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَجْرَ ثُمَّ الْوَقْتَ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَتَى فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ إنْ كَانَ فَسَادُهَا لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى مِنْ الْأَجْرِ أَوْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْمَرَمَّةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَارَتْ الْمَرَمَّةُ مِنْ الْأَجْرِ فَيَصِيرُ الْأَجْرُ مَجْهُولًا أَمَّا إذَا كَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ بِحُكْمِ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ إلَى حَائِكٍ لِيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذِقَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِكَذَا وَكَذَا فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ هَذَا الْعَقْدُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّحْذِيقُ فِي وُسْعِهِ وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ إنَّمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا ذَكَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهٍ يَصْلُحُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ حَالَةَ انْفِرَادِ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بَيَانُهُ فِيمَا ذُكِرَ فِي آخِرِ بَابِ إجَارَةِ الْبَنَّاءِ إذَا تَكَارَى رَجُلٌ رَجُلًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ لِيَبْنِيَ لَهُ بِالْجَصِّ وَالْآجِرِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ.
وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّهُ مَا ذَكَرَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارَ الْعَمَلِ مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَانْعَقَدَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُدَّةِ وَكَانَ ذِكْرُ الْبِنَاءِ لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِأَنْ بَيَّنَ مِقْدَارَ الْبِنَاءِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَجُلًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَطْحَنَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ قَفِيزًا إلَى اللَّيْلِ فَهُوَ فَاسِدٌ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِمَا فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَبَتَ رُجُوعُهُمَا إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيَاسُ قَوْلِهِمَا وَمَا ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ اسْتِحْسَانٌ عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِعَمَلٍ فَإِنْ كَانَ عَمَلًا لَوْ أَرَادَ الْأَجِيرُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ لِلْحَالِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَخْبِزَ لِي عِشْرِينَ مَنًّا مِنْ الْخُبْزِ بِدِرْهَمٍ جَازَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَمْلِكُ آلَاتِ الْخُبْزِ كَالدَّقِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ