وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ لَا فِي عَوْدِ مِلْكٍ قَدِيمٍ وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَ الرُّجُوعِ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الرُّجُوعِ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ وَلَكِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَهَبَ الْمَوْهُوبَ لِلْوَاهِبِ وَقَبِلَهُ الْوَاهِبُ الْأَوَّلُ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِذَا قَبَضَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْهِبَةِ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنَقْضِهَا فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْوَاهِبُ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَضْمَنَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنَعَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ الْوَاهِبُ، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ الْهِبَةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ حَتَّى وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ مِنْ الْوَاهِبِ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّهِ أَوْ رَدِّ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِإِبْطَالِ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا وَهَبَ مِنْ الْفَقِيرِ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، وَقِيلَ هَذَا إذَا نَوَى الصَّدَقَةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَهَبَ شَيْئًا لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ الْوَاهِبُ: أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي الرُّجُوعِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ وَيَسْقُطُ حَقُّ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

رَجُلٌ وَضَعَ حَبْلًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَّقَ قِنْدِيلًا لَهُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ حَبْلًا لِلْقِنْدِيلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَيَسْتَوِي فِي الْهِبَةِ حُكْمُ الرُّجُوعِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ إلَى أُمِّ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ، وَقَالَ: اجْعَلِي لَهَا جِهَازًا ثُمَّ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْجِعَ وَأَخَذَ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ، قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِلصَّغِيرَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرِي لَهَا جِهَازًا، كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأُسْرُوشَنِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ]

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ) . وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ شَيْئًا لِأَوْلَادِهِ فِي الصِّحَّةِ وَأَرَادَ تَفْضِيلَ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فِي ذَلِكَ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ التَّفْضِيلُ لِزِيَادَةِ فَضْلٍ لَهُ فِي الدِّينِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً يُكْرَهُ وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِضْرَارَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ سَوَّى بَيْنَهُمْ يُعْطِي الِابْنَةَ مِثْلَ مَا يُعْطِي لِلِابْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ وَهَبَ فِي صِحَّتِهِ كُلَّ الْمَالِ لِلْوَلَدِ جَازَ فِي الْقَضَاءِ وَيَكُونُ آثِمًا فِيمَا صَنَعَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ فِي وَلَدِهِ فَاسِقٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مِنْ قُوتِهِ كَيْ لَا يَصِيرَ مُعِينًا لَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ فَاسِقًا وَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ إلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ وَيُحْرِمَهُ عَنْ الْمِيرَاثِ هَذَا خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ لَا بِالْكَسْبِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَهِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلِهِ تَتِمُّ بِالْعَقْدِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَمَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ مُودِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِعَدَمِ قَبْضِهِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ فِي يَدِهَا وَالْأَبُ مَيِّتٌ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يَعُولُهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا أَرْسَلَ غُلَامَهُ فِي حَاجَةٍ ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ الْعَبْدُ حَتَّى مَاتَ الْوَالِدُ فَالْعَبْدُ لِلْوَلَدِ وَلَا يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْ الْوَالِدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا وَهَبَ الْآبِقُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ وَيَصِيرُ قَابِضًا، كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا كَالْهِبَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَصِيُّ الْيَتِيمِ إذَا وَهَبَ عَبْدَهُ لِلصَّغِيرِ وَلِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ دَيْنُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْأَبُ إذَا وَهَبَ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ الْعَبْدَ وَضَمِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015