وَسَلَّمَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ فِيمَا مَضَى وَجُعِلَ كَأَنَّهُ الدَّارُ لَمْ تَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ لَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ وَهَبَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا مَا لَمْ تَحْبَلْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ وَهَبَ لِأَخِيهِ وَهُوَ عَبْدٌ لِغَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا رُجُوعَ لَهُ، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا ذَوِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَهَبَ لِلْمُكَاتَبِ وَهُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ فَعَتَقَ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ عَجَزَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ أَجْنَبِيًّا وَمَوْلَاهُ قَرِيبُ الْوَاهِبِ فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ يَرْجِعُ، وَإِنْ عَجَزَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ جَارِيَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ أَرَادَ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَالْمَوْلَى غَائِبٌ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْوَاهِبُ: أَنْتَ مَأْذُونٌ وَلِي أَنْ أَرْجِعَ فِيهَا قَبْلَ حُضُورِ مَوْلَاكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ قَالُوا: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ ثُمَّ إنَّمَا حَلَّفْنَا الْوَاهِبَ عَلَى الْعِلْمِ، وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَحْجُورٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا وَالْعَبْدُ حَاضِرًا فَإِنْ حَضَرَ الْمَوْلَى وَغَابَ الْعَبْدُ فَأَرَادَ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى خَصْمًا، وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ عَيْنًا فِي يَدِ الْمَوْلَى كَانَ الْمَوْلَى خَصْمًا فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: أَوْدَعَنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَا أَدْرِي أَوَهَبْتهَا لَهُ أَمْ لَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْهِبَةِ فَالْمَوْلَى خَصْمٌ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْوَاهِبِ فَقَبَضَهَا الْوَاهِبُ فَزَادَتْ فِي بَدَنِهَا فِي يَدِ الْوَاهِبِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَدْ مَاتَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودَعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمِنَ أَيْضًا ثُمَّ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فِي الْكِتَابِ عَلَى الْمُودَعِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ.
وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ وَهَبْتَهَا لِلَّذِي أَوْدَعَنِي إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَبْدِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ عَبْدُهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا، وَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ: لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُودَعِ بِاَللَّهِ أَنَّ الْغَائِبَ لَيْسَ بِعَبْدٍ لَهُ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْخُصُومَةُ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّ فُلَانًا عَبْدُهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى بِالرُّجُوعِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ عَبْدَ هَذَا الرَّجُلِ وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَصَارَ ذُو الْيَدِ خَصْمًا، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ عَبْدَهُ وَأَنَّهُ قَدْ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ فُلَانًا الْغَائِبَ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْغَائِبَ عَبْدُهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَجْعَلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ خَصْمًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وَهَبَ كِرْبَاسًا فَقَصَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَصِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ، وَلَوْ غَسَلَهُ يَرْجِعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ فَتَلَهُ لَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ يَزِيدُ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ نَقَطَ الْمُصْحَفَ بِإِعْرَابٍ فَلَا رُجُوعَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ وَهَبَ لَهُ حَدِيدًا فَضَرَبَ مِنْهُ سَيْفًا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَهَبَ حَلْقَةً فَرَكَّبَ فِيهَا فَصًّا إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهُ إلَّا بِضَرَرٍ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ نَزْعُهُ بِلَا ضَرَرٍ يَرْجِعُ، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ وَرَقَةً فَكَتَبَ فِيهَا سُورَةً أَوْ بَعْضَ سُورَةٍ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ