وَلَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْمَحَارِمِ بِالْقَرَابَةِ كَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَإِنْ عَلَوْا وَالْأَوْلَادِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَأَوْلَادِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِالسَّبَبِ لَا بِالْقَرَابَةِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَذَا الْمَحْرَمِيَّةُ بِالْمُصَاهَرَةِ كَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ حَرْبِيٌّ دَخَلَ عَلَيْنَا بِأَمَانٍ وَلَهُ عِنْدَنَا أَخٌ مُسْلِمٌ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا وَقَبِلَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ أَذِنَ لِلْمُسْلِمِ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَهَبَ لِوَكِيلِ أَخِيهِ لَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْعَقْدَ وَقَعَا لِأَخِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ (1) ، وَلَوْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْهِبَةَ وَقَبِلَهَا الْمُوَكِّلُ صَحَّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا وَهَبَ عَبْدًا لِأَخِيهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَاهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فَبَنَى الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي بَيْتِ الضِّيَافَةِ الَّتِي تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ (كاشأنه) تَنُّورًا لِلْخُبْزِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَكَذَا لَوْ بَنَى أَرْبًا أَيْ مَعْلَفًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ لَهُ حَمَّامًا فَجَعَلَهُ مَسْكَنًا أَوْ وَهَبَ لَهُ بَيْتًا فَجَعَلَهُ حَمَّامًا فَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ كَانَ زَادَ فِيهِ بِنَاءً أَوْ عَلَّقَ عَلَيْهِ بَابًا أَوْ جَصَّصَهُ وَأَصْلَحَهُ أَوْ طَيَّنَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ هَدَمَ الْبِنَاءَ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْبَعْضَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَاقِي، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ فَجَصَّصَهَا أَوْ طَيَّنَهَا أَوْ زَخْرَفَهَا بِالذَّهَبِ أَوْ اتَّخَذَ فِيهَا مُغْتَسَلًا أَوْ أَرْضًا فَبَنَى فِي طَائِفَةٍ مِنْهَا بِنَاءً فَلَا رُجُوعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَالزَّخْرَفَةُ التَّذْهِيبُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ وَهَبَ لَهُ دَارًا فَبَنَاهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَتَرَكَ بَعْضَهَا عَلَى حَالِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إنْ وَهَبَ لِآخَرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَأَنْبَتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا نَخْلًا أَوْ بَنَى بِنَاءً أَوْ دُكَّانًا وَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً أَوْ يُعَدُّ نُقْصَانًا فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ حَتَّى لَوْ بَنَى دُكَّانًا صَغِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً أَصْلًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ عَظِيمَةً لَا يُعَدُّ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْكُلِّ وَإِنَّمَا يُعَدُّ زِيَادَةً فِي تِلْكَ الْقِطْعَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي غَيْرِهَا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِنَاءً فَانْهَدَمَ يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهَا غَيْرَ مَقْسُومٍ رَجَعَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا مِنْهَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي كُلِّهَا فَكَذَا فِي نِصْفِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَهَدَمَ بِنَاءَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَاقِي وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ بَعْضَ الْهِبَةِ يَسْقُطُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَهْلَكِ وَيَبْقَى فِي الْقَائِمِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَإِذَا وَهَبَ دَارًا فَرَجَعَ فِي بَعْضِهَا لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الْبَاقِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
دَاوَى الْعَبْدَ الْمَرِيضَ أَوْ الْجَرِيحَ حَتَّى بَرِئَ أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ فَسَمِعَ أَوْ أَبْصَرَ بَطَلَ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ مَرِضَ عِنْدَهُ فَدَاوَاهُ لَا يَمْتَنِعُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَهَبَ عَبْدًا فَدَبَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ انْقَطَعَ الرُّجُوعُ، وَإِنْ كَاتَبَهُ فَعَجَزَ وَرَدَّهُ رَقِيقًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ زَالَتْ الرَّقَبَةُ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِالْفَسْخِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ، وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ وَالْجِنَايَةُ بَاطِلَةٌ هَكَذَا