الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْهِبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ تَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ الْبَاقِي وَسَلَّمَ لَا تَجُوزُ وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَتَانِ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا يَتِمُّ حُكْمُ الْهِبَةِ إلَّا مَقْبُوضَةً وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَجْنَبِيُّ وَالْوَلَدُ إذَا كَانَ بَالِغًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْقَبْضُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ تَمَامُ الْهِبَةِ وَثُبُوتُ حُكْمِهَا الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَالْإِذْنُ تَارَةً يَثْبُتُ نَصًّا وَصَرِيحًا وَتَارَةً يَثْبُتُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَقُولَ: اقْبِضْهُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَيَقُولُ اذْهَبْ وَاقْبِضْهُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَاضِرًا، وَقَالَ لَهُ الْوَاهِبُ: اقْبِضْهُ فَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ وَمِلْكُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ بَعْدَ الْهِبَةِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْقَبْضِ صَرِيحًا وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ إنْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ غَائِبًا فَذَهَبَ وَقَبَضَ: إنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَهَبَ لِآخَرَ فَرَسًا هِبَةً فَاسِدَةً وَخَلَّى بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
لَوْ وَهَبَ شَيْئًا حَاضِرًا مِنْ رَجُلٍ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْتُهُ، صَارَ قَابِضًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي الْبَقَّالِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: اقْبِضْهُ، فَقَالَ: قَبَضْتُ وَالْمَوْهُوبُ حَاضِرٌ جَازَ إذَا لَمْ يَبْرَحْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ " قَبَضْتُ " وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ " قَبِلْتُ "، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ: اقْبِضْهُ، فَإِنَّمَا الْقَبْضُ أَنْ يَنْقُلَهُ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بِمَسْأَلَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: هَبْ لِي هَذَا الْعَبْدَ، فَقَالَ الْآخَرُ: وَهَبْتُ، تَمَّتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
قَالَ لِآخَرَ: هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبُ مِنْهُ كَانَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً وَالْآمِرُ ضَامِنٌ لِلدَّافِعِ وَيَكُونُ الْوَاهِبُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْآمِرُ دُونَ الْمَأْمُورِ حَتَّى كَانَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِلْآمِرِ دُونَ الْمَأْمُورِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ - عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ -: هَبْ لِي هَذَا، فَقَالَ: وَهَبْتُ، وَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْتُ وَسَلَّمَ إلَيْهِ جَازَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ فَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا، فَقَالَ لَهُ: وَهَبْتُ مِنْكَ عَبْدِي فُلَانًا فَاذْهَبْ وَاقْبِضْهُ فَقَبَضَهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ، وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ قَالَ: هُوَ لَكَ إنْ شِئْتَ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَقَالَ: شِئْتُ عَنْ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا وَهَبَ غُلَامَهُ مِنْ رَجُلٍ وَالْغُلَامُ بِحَضْرَتِهِمَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْوَاهِبُ اقْبِضْهُ فَذَهَبَ الْوَاهِبُ وَتَرَكَ الْغُلَامَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِقَبْضِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ غُلَامًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى وَهَبَهُ الْوَاهِبُ لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ أَمَرَهُمَا بِالْقَبْضِ فَقَبَضَاهُ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْأَوَّلَ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَهُ كَانَ بَاطِلًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي بُيُوعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَهَنَهُ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، فَإِنْ أَجَازَهُ مَوْلَاهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ لِآخَرَ: وَهَبْتُ لَكَ قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَاكْتَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ قَفِيزًا فَاكْتَلْهُ فَاكْتَالَهُ جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثِيَابًا فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الصُّنْدُوقَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا، وَإِنْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَفْتُوحًا كَانَ قَبْضًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً مَلَكَهَا بِالْهِبَةِ وَالْقَبُولِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ فِيهَا قَبْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ وَهَبَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْآجِرِ وَالْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فِي يَدِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ فَوَهَبَ لَهُ صَحَّ وَيُثْبَتُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ