أَوْ فَسَدَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَا ضَمَانَ فِي تَرِكَةِ الْمُودَعِ، هَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَمُضَارَبَةٌ وَبِضَاعَةٌ، فَإِنْ عُرِفَتْ بِأَعْيَانِهَا فَأَرْبَابُهَا أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ بِأَعْيَانِهَا قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ وَأَصْحَابُ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْغُرَمَاءِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي طَلَبِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ إلَى الْغَيْرِ]

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي طَلَبِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ إلَى الْغَيْرِ) . إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ، فَقَالَ: اُطْلُبْهَا غَدًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْغَدِ: ضَاعَتْ، فَإِنَّهُ يُسْأَلُ، إنْ قَالَ: ضَاعَتْ قَبْلَ قَوْلِي اُطْلُبْهَا غَدًا، يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ: ضَاعَتْ بَعْدَهُ لَا لِلتَّنَاقُضِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

فَإِنْ طَلَبَهَا صَاحِبُهَا فَحَبَسَهَا عَنْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا ضَمِنَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْلِيمِهَا حَالَ مَا طَلَبَهَا بِأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ نَاءٍ لَا يَقْدِرُ فِي الْحَالِ عَلَى رَدِّهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا طَلَبَهَا الْمَالِكُ، فَقَالَ: لَا أَقْدِرُ عَلَى إحْضَارِهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهُ الْمَالِكُ وَذَهَبَ إنْ كَانَ عَنْ رِضًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ: احْمِلْ إلَيَّ الْيَوْمَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَكَ، فَقَالَ: أَفْعَلُ، وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَيْهِ الْيَوْمَ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ وَهَلَكَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.

إنْ طَلَبهَا صَاحِبُهَا فَجَحَدَ إيَّاهَا ضَمِنَهَا إنْ أَقَامَ الْمُودِعُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ الْجُحُودِ، هَكَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. فَإِنْ عَادَ إلَى الِاعْتِرَافِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهَا، هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

جَحَدَ الْوَدِيعَةَ بِحَضْرَةِ الْمُودِعِ أَوْ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ جَحَدَهَا بِغَيْرِ حَضْرَتِهِمَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا ضَمَانَ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَفِي الْأَجْنَاسِ الْوَدِيعَةُ إنَّمَا تُضْمَنُ بِالْجُحُودِ إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ حَالَ إنْكَارِهِ وَهَلَكَتْ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ فِي وَجْهِ الْمَالِكِ لَا بِنَاءً عَلَى الطَّلَبِ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ: مَا حَالُ وَدِيعَتِي لِيُذَكِّرَهُ عَلَى الْحِفْظِ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

أَنْكَرَهَا فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ بِحَيْثُ يَخَافُ التَّلَفَ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

إذَا غَابَ الْمُودِعُ وَطَلَبَتْ امْرَأَةُ الْغَائِبِ النَّفَقَةَ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَجَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا، وَقَالَ: قَدْ ضَاعَتْ كَانَ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْأَيْتَامِ إذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ الْأَيْتَامِ وَالْجِيرَانُ وَقَالُوا لِلْوَصِيِّ: أَنْفِقْ بِمَا عِنْدَكَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ مِنْ مَالِهِمْ، فَجَحَدَ وَقَالَ: مَا لَهُمْ فِي يَدَيَّ شَيْءٌ، ثُمَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: قَدْ ضَاعَ بَعْدَ الطَّلَبِ، كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

أَنْكَرَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ أَقَرَّ بِهَا، وَقَالَ مَالِكُهَا: دَعْهَا وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَضَاعَتْ: إنْ تَرَكَهَا عِنْدَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حِفْظِهَا وَأَخْذِهَا إنْ شَاءَ فَهُوَ بَرِيءٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِفْظِهَا فَهُوَ عَلَى الضَّمَانِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَنْقُولِ، وَفِي الْعَقَارِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَبَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْعَقَارِ بِالْجُحُودِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

سُئِلَ عَنْ مُودَعٍ قَالَ لَهُ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: إذَا طَلَبَ أَخِي فَرُدَّ الْوَدِيعَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا طَلَبَ أَخُوهُ مِنْهُ، فَقَالَ: عُدْ إلَيَّ بَعْدَ سَاعَةٍ لِأَدْفَعَهُ إلَيْكَ، فَلَمَّا عَادَ إلَيْهِ، قَالَ: إنَّهُ كَانَ هَلَكَ، فَقَالَ: يَضْمَنُ لِلتَّنَاقُضِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

الْمُودِعُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَصِلُ إلَيْهَا السَّاعَةَ فَأُغِيرَ عَلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أُغِيرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ أَيْضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمُودَعُ عَلَى رَدِّهَا لِبُعْدِهَا أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَا ضَمَانَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَإِلَّا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى ابْنِي أَوْ إلَى ابْنِكَ يَأْتِينِي بِهَا، فَفَعَلَ فَضَاعَ كَانَ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ: ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ إلَى غُلَامِي هَذَا وَطَلَبَ غُلَامُهُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ يَصِيرُ ضَامِنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ فِي السِّرِّ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَجَاءَ رَجُلٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015