فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

فَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا عَلِمْتُ الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ: إنْ فَسَّرَ الْوَدِيعَةَ، وَقَالَ: كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا عَلِمْتُهَا وَقَدْ هَلَكَتْ، صُدِّقَ، هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: " هَلَكَتْ " سَوَاءٌ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

إذَا اخْتَلَفَ الطَّالِبُ وَوَرَثَةُ الْمُودَعِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: مَاتَ مُجَهِّلًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُودَعِ: كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا يَوْمَ مَاتَ الْمُودَعُ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ، هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: قَدْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالضَّمَانُ وَاجِبٌ فِي مَالِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُودَعَ، قَالَ فِي حَيَاتِهِ " رَدَدْتُهَا " يُقْبَلُ وَإِذَا مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا وَادَّعَى الْوَارِثُ الضَّيَاعَ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا وَلَهُ أَمْوَالٌ فَطُلِبَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَمْ تُوجَدْ وَقَدْ يَئِسُوا مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَيَجْعَلُ الْقَاضِي لَهُ وَلِيًّا يَقْبِضُهَا مِنْ مَالِهِ وَيَأْخُذُ بِهَا ضَمِينًا ثِقَةً مِنْ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ أَوْ ضَاعَتْ عِنْدَهُ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا حَالُهَا يَحْلِفُ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ لِمَالِهِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

فَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ مَاتَ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ بِهَا، فَإِنْ قَالَتْ: ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ، قَالَتْ: قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا وَصَارَتْ دَيْنًا فِيمَا وَرِثَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَتِهِ إلَّا بِقَوْلِهِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ: مَا فَعَلْتَ بِالْأَلْفِ الَّذِي أَوْدَعَكَهُ فُلَانٌ، فَقَالَ: دَفَعْتُهُ إلَى امْرَأَتِي، ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ سُئِلَتْ الْمَرْأَةُ فَأَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ إلَيْهَا فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا فَهِيَ دَيْنٌ فِيمَا وَرِثَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: أَوْدَعْتُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فُلَانًا الصَّيْرَفِيَّ، ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ، فَإِنْ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: مَا أَوْدَعَنِي شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُضَارِبَ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ إلَّا بِقَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْمُضَارِبُ ثُمَّ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ كَانَ دَيْنًا فِي مَالِ الصَّيْرَفِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَالصَّيْرَفِيُّ حَيٌّ، فَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَيَحْلِفُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَالْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا مُتَوَلِّي الْأَوْقَافِ إذَا مَاتَ وَلَا يُعْرَفُ حَالُ غَلَّتِهَا الَّتِي أَخَذَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ إذَا خَرَجَ السُّلْطَانُ إلَى الْغَزْوِ وَغَنِمُوا فَأَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ الثَّالِثَةُ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا مَاتَ، وَفِي يَدِهِ مَالُ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى.

الْقَاضِي إذَا قَبَضَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ وَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ الْمَالُ ضَمِنَ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى قَوْمٍ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهَا فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

لَوْ قَالَ الْقَاضِي: ضَاعَ الْمَالُ عِنْدِي أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَى الْيَتِيمِ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ بَيَانِ السَّبَبِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ وَصِيٌّ مَاتَ، وَفِي يَدِهِ مَالُ يَتِيمٍ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ الْمَالُ وَلَمْ يُبَيِّنْ ضَمِنَ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى إنْسَانٍ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَيْرِهِ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: ضَاعَ مَالُ الْيَتِيمِ عِنْدِي أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ بَيَانِهِ ضَمِنَ كَالْمُودَعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

شَرِيكَانِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْدَعَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا فَمَاتَ الْمُودِعُ بِلَا بَيَانٍ ضَمِنَا فَلَوْ قَالَ: شَرِيكُهُ الْحَيُّ ضَاعَتْ فِي يَدِ شَرِيكِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاضٍ قَبَضَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِصَبِيٍّ فِي كِيسٍ وَأَلْفًا آخَرَ لِصَبِيٍّ فِي كِيسٍ وَأَنْفَقَ أَحَدَ الْكِيسَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا الْبَاقِي فَالْأَلْفُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَإِذَا كَبِرَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَيُحَلِّفُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَضَرَهُ رَجُلَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015