أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى الْعَبْدِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ عَمْدًا وَجَحَدَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَأَقَامَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ حَاضِرَيْنِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَبْدِ مَسْمُوعَةٌ، فَأَمَّا إذَا كَانَا غَائِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَبْدِ مَتَى كَانَا غَائِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ حَضَرَا أَوْ لَمْ يَحْضُرَا، وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ وَهُمَا حَاضِرَانِ يُكَذِّبَانِهِ فِيهِ وَلِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ الْآخَرِ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ صَدَّقَهُ وَالْعَبْدُ كُلُّهُ مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ كَانَ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ وَقَدْ صَدَّقَ الْمُضَارِبُ نَظَرَ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ الْفَضْلِ فَقِيلَ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ حِصَّتِكَ إلَى الْوَلِيِّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ أَوْ أَفْدِهِ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْعَبْدِ قَدْرَ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ نِصْفَ حِصَّتِهِ الَّذِي بَقِيَ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

فَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ بِأَنْ كَانَتْ أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ بِأَنْ كَانَتْ أَلْفَيْنِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ تَصْدِيقُ رَبِّ الْمَالِ، وَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ أَفْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي النِّصْفِ وَبَقِيَتْ فِي النِّصْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ وَفَدَى نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَإِذَا بَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَى الْمُضَارَبَةِ إذَا تَصَرَّفَ الْمُضَارِبُ فِيهِ وَرَبِحَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَسِمَا، كَمْ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مِنْ الْبَاقِي؟ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ بِأَنْ كَانَتْ سِتَّمِائَةٍ صَارَ بِدَفْعِ النِّصْفِ مُسْتَوْفِيًا ثَلَاثَمِائَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَبَقِيَ حَقُّهُ فِي سَبْعِمِائَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَسْتَوْفِي مِنْ الْبَاقِي سَبْعَمِائَةٍ تَمَامَ رَأْسِ مَالِهِ ثُمَّ مَا بَقِيَ يَكُونُ رِبْحًا فَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى مَا شَرَطَا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُصَدَّقُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى حِصَّتِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ حِصَّتِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْعَبْدِ أَوْ أَفْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيط.

لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَتَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مَالٌ آخَرُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ سِوَى الْعَبْدِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مَالٌ آخَرُ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْمَوْلَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ اسْتَوْفَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا بَقِيَ بِمَنْزِلَةِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ عَبْدَانِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ، كَذَا فِي الْحَاوِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ]

(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ) إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَيَكُونَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَارًا بِبَعْضِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ دَارًا لِنَفْسِهِ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ دَارًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ بَاعَ رَبُّ الْمَالِ دَارًا لِنَفْسِهِ وَالْمُضَارِبُ شَفِيعُهَا بِدَارٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا بِهِ وَفَاءٌ بِثَمَنِ الدَّارِ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ بِثَمَنِ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَارِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015