الْغَاصِبُ كَانَ رَبُّ الطَّوْقِ شَرِيكًا فِيهِ لَهُ نِصْفُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ صَالَحَ رَبَّ الطَّوْقِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالطَّوْقُ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَصَالَحَهُ بَعْدَ مَا غَيَّبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ وَرَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ وَزْنِ الْقَلْبِ فِضَّةَ تِبْرٍ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْعَمَلِ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَخَذَ سَارِقًا فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ السَّرِقَةِ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْ الدَّارِ فَصَالَحَهُ السَّارِقُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ كَانَ بَاطِلًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ صَاحِبِ السَّرِقَةِ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى السَّارِقِ، وَيَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ إذَا دَفَعَ السَّرِقَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مِنْ صَاحِبِ السَّرِقَةِ بَعْدَمَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْبَرَاءَةِ عِنْدَنَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَالْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي إذَا صَالَحَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا وَيَعْفُوَ عَنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إسْكَافٍ سُرِقَ مِنْ حَانُوتِهِ خِفَافٌ لِأَقْوَامٍ، صَالَحَ الْإِسْكَافُ مَعَ السَّارِقِ فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ إلَّا بِإِجَازَةِ أَرْبَابِهَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ أَرْبَابِهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ طَرْحُ كَثِيرٍ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ وَحُبِسَ فَادَّعَى عَلَيْهِ قَوْمٌ فَصَالَحَهُمْ ثُمَّ أُخْرِجَ وَأَنْكَرَ فَقَالَ إنَّمَا صَالَحْتُكُمْ خَوْفًا عَلَى نَفْسِي قَالُوا إنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
دَفَعَ إلَى آخَرَ بِضَاعَةً فَقَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ فَأَخَذَ مَالَهُ وَبِضَاعَةَ الدَّافِعِ فَصَالَحَ الْمُسْتَبْضِعُ اللِّصَّ وَيَقُولُ إنَّمَا صَالَحْتُ عَنْ مَالِي وَالْمُبْضِعُ يَقُولُ إنَّمَا صَالَحْتُ عَنْ بِضَاعَتِي فَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْقَبْضِ سَمَّى الدَّافِعُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَنْ الْجَمِيعِ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ وَإِنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا فَهُوَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا يُدْخِلُ فِيهِ غَيْرَهُ وَإِنْ أَبْهَمَا وَلَمْ يُفَسِّرَا فَإِنْ كَانَ اللِّصُّ حَاضِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عَنْ أَيِّ مَالٍ أَدَّى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ الْمُبْضِعُ وَالْمُسْتَبْضِعُ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ عَمَّا دَفَعَ فَهُوَ عَنْ الْجَمِيعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
صُلْحُ الْمُكْرَهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا كَانَ الْمُدَّعِي رَجُلٌ فَأَكْرَهَ السُّلْطَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى صُلْحِ أَحَدِهِمَا فَصَالَحَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ مَعَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى الصُّلْحِ مَعَهُ وَجَازَ مَعَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ بَيْتًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَشَهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَهَدَّدُوهُ حَتَّى صَالَحَ رَجُلًا عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ أَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَفَعَلَ قَالُوا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَهُمَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا فِي الْمِصْرِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ هَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ بَاطِلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ، وَالزَّوْجُ إذَا هَدَّدَ امْرَأَتَهُ لِتُصَالِحَ عَنْ الصَّدَاقِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ لِتُبْرِئَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ هَدَّدَهَا بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا أَوْ بِالتَّسَرِّي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إكْرَاهًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي صُلْحِ الْعُمَّالِ) إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ فَخَرَقَهُ الْقَصَّارُ بِدَقِّهِ فَصَالَحَهُ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لِيَكُونَ