أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ هَذَا الْعَبْدِ كَانَ رَهْنًا فِي يَدِهِ لَا يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَالَ رَهَنْته مِنِّي بِمِائَةٍ لِي وَقَالَ الرَّاهِنُ لَك عَلَيَّ مِائَةٌ إلَّا أَنِّي مَا رَهَنْت الْعَبْدَ مِنْك فَاصْطَلَحَا عَلَى إنْ زَادَهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا قَرْضًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَهَبَ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الرَّاهِنُ الْعَبْدَ رَهْنًا بِالْمِائَةِ فَإِنَّ هَذَا الصُّلْحَ فَاسِدٌ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَهْنِهِ وَلَوْ اصْطَلَحَا أَنْ يُبْرِئَهُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَةِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الرَّاهِنُ الْعَبْدَ بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ ثَوْبًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ إيَّاهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَقْرَضَهَا إيَّاهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الرَّهْنَ وَقَالَ الرَّاهِنُ لَك عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا أَنِّي لَمْ أَرْهَنَكَهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ الْمُرْتَهِنُ عَنْهُ دِرْهَمًا لِيَرْهَنَهُ الرَّاهِنُ الثَّوْبَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُرْتَهِنُ دِرْهَمًا لِيَجْعَلَ الثَّوْبَ رَهْنًا عِنْدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهُ لِيَحُطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا وَيُقْرِضَهُ دِرْهَمًا جَمْعًا بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّوْبَ وَبَدَا لَهُ فِي إمْسَاكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْحَطَّ لَا يَثْبُتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ رَهَنَ مَتَاعًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْمُرْتَهِنُ هَلَكَ الرَّهْنُ وَقَالَ الرَّاهِنُ مَا هَلَكَ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي كَانَ بَاطِلًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا الْجَوَابُ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّ الرَّهْنَ عَلَى الرَّاهِنِ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ وَلَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ ادَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يُنْكِرْ فَاصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالدَّيْنِ مِائَةً فَقَالَ الرَّاهِنُ بِعْت مَتَاعِي فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ ثُمَّ اصْطَلَحَا جَازَ الصُّلْحُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَ الْمَتَاعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِوَكَالَةِ الرَّاهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ مَا وَكَّلْتُكَ بِالْبَيْعِ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمِائَةِ وَزَادَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا جَازَ، فَإِنْ ظَهَرَ الْمَتَاعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ بَاعَ الْمَتَاعَ ثُمَّ مَاتَ الرَّاهِنُ فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ عَلَى أَنْ يُبْرِئُوهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَخَّرَ فَقَالَ الرَّهْنُ لِي فَصَالَحَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى عَشَرَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ مَاتَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَتَاعَ لَهُ وَأَنَّهُ كَانَ أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى إنْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُصَدَّقُ عَلَى وَرَثَةِ الرَّاهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الصُّلْحِ فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْإِكْرَاهِ وَالتَّهْدِيدِ) لَوْ ادَّعَى غَصْبًا عَلَى إنْسَانٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ جَازَ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَتْلَفَهُ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ مِائَةٍ جَازَ وَقَالَا يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
. إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا جَمِيعًا كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِمَّا صَالَحَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا